السؤال
قرأت فتاوى عن الشراء بالمرابحة، ولكني أحتاج إلى إجابة خاصة في هذه الحالة. فما حكم شراء سيارة بالتقسيط من معرض عن طريق البنك؟
والخطوات هي: المعرض يصدر عرض أسعار باسم البنك يشبه الفاتورة، ثم يذهب بها مع أوراقي للبنك، ثم البنك يصدر موافقته على تملك هذه السيارة، ثم يبيعها لي البنك. علما أني سألت المعرض هل البنك يسلمكم النقود أولا؟ فقالوا: لا، ولكننا نملكها للبنك بالاتفاق بينهم، ثم نتسلم النقود بعد عدة أيام مدة الإجراءات، ولكنه أكد لي أنه يملكها للبنك، مع العلم أن السيارة تظل ملكية البنك حتى أنتهي من سداد الأقساط. فهل يجوز للبنك أن يبيع لي السيارة قبل أن يدفع ثمنها؟ وهل هذا يشبه ما فعله علي بن أبي طالب حين اشترى الناقة ب 100 دينار، وباعها ب 160 دينارا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبيع بالمرابحة مباح، وقد بينا من قبل الخطوات التي يتم بها، ولك أن تراجع فيها فتوانا: 1608، فإذا توفرت شروط الصحة في البيع جاز.
وما ذكرته من أن المعرض يصدر عرض أسعار باسم البنك يشبه الفاتورة ثم يذهب بها العميل إلى البنك، وأن البنك لا يسلم النقود للمعرض إلا بعد أيام، وأن السيارة تظل ملكيتها تابعة للبنك حتى ينتهي تسديد الأقساط، لا يتنافى شيء منه مع الصحة، لأن البنك من حقه أن يوكل من ينوب عنه في عملياته، ولا مانع من أن يكون العميل نفسه هو الوكيل ، كما أن من حقه أن يشتري السيارة من المعرض بثمن مؤجل.
ومن حقه كذلك أن يبقي السيارة مسجلة باسمه على سبيل الرهن، مع أن انتفاع الراهن بالرهن محل اختلاف بين أهل العلم. ففي الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز الانتفاع بالمرهون, وفيمن له ذلك. فذهب الحنفية إلى أنه ليس للراهن ولا للمرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقا, لا بالسكنى ولا بالركوب, ولا غيرهما, إلا بإذن الآخر. وقال المالكية: غلات المرهون للراهن, وينوب في تحصيلها المرتهن, حتى لا تجول يد الراهن في المرهون. وفرق الحنابلة بين المرهون المركوب أو المحلوب وبين غيرهما, وقالوا: إن كان المرهون غير مركوب أو محلوب, فليس للمرتهن ولا للراهن الانتفاع به إلا بإذن الآخر. أما المرتهن فلأن المرهون ونماءه ومنافعه ملك للراهن, فليس لغيره أخذها بدون إذنه, وأما الراهن فلأنه لا ينفرد بالحق , فلا يجوز له الانتفاع إلا بإذن المرتهن...
وقال الشافعية: ليس للمرتهن في المرهون إلا حق الاستيثاق، فيمنع من كل تصرف أو انتفاع بالعين المرهونة, أما الراهن فله عليها كل انتفاع لا ينقص القيمة كالركوب ودر اللبون, والسكنى والاستخدام. وعلى أية حال، فإن أيا من ذلك لا ينافي صحة البيع.
وما ذكرت أن عليا رضي الله عنه كان قد فعله من اشتراء الناقة بمائة دينار وبيعها بمائة وستين، لم نقف عليه، ولكنه فعل مباح لدخوله في عموم قول الله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا {البقرة: 275 }.
والله أعلم.