السؤال
قرأت فى السنة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها. فما الحكمة من ذلك؟ ومن هم العرنيون؟ وجزاكم الله خيرا.
قرأت فى السنة أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها. فما الحكمة من ذلك؟ ومن هم العرنيون؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقصة العرنيين ثابتة في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه : أن ناسا أورجالا من عكل وعرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتكلموا بالإسلام وقالوا: يا نبي الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف, واستوخموا المدينة. فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود وبراع وأمرهم أن يخرجوا فيه, فيشربوا من ألبانها وأبوالها فانطلقوا حتى كانوا ناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم, وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود, فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم, وأمر بهم فسمروا أعينهم, وقطعوا أيديهم, وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم . متفق عليه واللفظ للبخاري.
وللحديث روايات كثيرة في الصحيحين وغيرهما ومناط الحديث عنها هنا هو إذنه صلى الله عليه وسلم لأولئك النفر بشرب أبوال الإبل وألبانها لما استوخموا المدينة وأصابهم ما أصابهم, ففي رواية لمسلم ذكرها ابن القيم في الزاد : أنهم قالوا يارسول الله إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا ... وعند النسائي : فاجتووا المدينة حتى اصفرت ألوانهم وعظمت بطونهم ... فدل ذلك على أن أبوال الإبل وألبانها دواء لمثل ما أصابهم وهو الاستسقاء إذ نفعهم العلاج وصحوا كما في رواية البيهقي ... فلحقوا براعي الإبل فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صلحت بطونهم وألوانهم . ومما يدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: إن في أبوال الإبل وألبانها شفاء للذربة بطونهم . رواه أحمد والطبراني وفي سنده مقال إلا أن له شواهد تقويه. والداء الذي أصابهم هو داء استسقاء البطن كما ذكرنا. قال ابن القيم في زاد المعاد: والدليل على أن هذا المرض كان الاستسقاء مارواه مسلم في صحيحه في هذا الحديث أنهم قالوا إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا ـ وذكر تمام الحديث ... والجوى: داء من أدواء الجوف - والاستسقاء: مرض مادي سببه مادةغريبة باردة تتخلل الأعضاء فتربو لها إما الأعضاء الظاهرة كلها ، وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط وأقسامه ثلاثة : لحمي وهو أصعبها ، وزقي ، وطبلي . ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علا جه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل ، وإدرار بحسب الحاجة وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها ، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ... انتهى
ويذكر أهل الطب لألبان الإبل وأبوالها فوائد عظيمة ذكر منها ابن القيم منها جملة في زاد المعاد والطب النبوي يحسن الوقوف عليها .
والله أعلم.