السؤال
طبيبة مسلمة انتقلت حديثا إلى كندا لإتمام دراساتي العليا في تخصص التخدير عانيت الكثير حتى حصلت على هذه الفرصة خصوصا وأن المجال نادر خاصة للنساء ويشهد الله أن النيه ستر عورات المسلمات ، ولكني أغطي وجهي فألاقي بعض الصعوبات المتجاوز عنها في الشارع ولكن مشكلتي الأكبر تكمن في المستشفى حيث إنهم يضيقون النطاق علينا هناك حتى يستطيعوا طردنا بأي حجة لأنهم لا يريدون لنا أن نرتقي ويرون أننا إرهابيات وقد حصل لأخوات من قبلي حيث طردوا في فترة أل3 أشهر الأولى التي تعتبر فترة التقييم وقد قرأت الكثير في الموضوع حيث إن كشف وجهي سيسبب جرحا في صدري ولكنني أحاول أن أوازن المسأله ولكن عقلي لا يستطيع حلا أخاف أن أكشف فيحل علي غضب من الله وإن أبقيت على غطائي أخاف من العواقب خصوصا وأنني كما سبق قد عانيت كثيرا وأعد قد أنعم الله علي بهذه الفرصة.. فماذا يرى الشرع في مثل حالتي إحدى الأخوات في الله أخبرتني بأن الشيخ: الدويش قد أتى إلى هنا منذ مدة وعندما علم الحال أفتاهم بالجواز ولكنني أرى أن أرى وأسمع بنفسي أتمنى سرعة الجواب خصوصا وأنني سأبدأ الأسبوع المقبل ؟
وجزاكم الله خير الجزاء .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يجزيك خيرا وأن يعينك على طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه ، واعلمي أنه لا حرج عليك في كشف وجهك إذا تحققت الضوابط الشرعية التالية :
أولا : ألا يمكنك تحصيل هذا التخصص في بلد آخر لا تحتاجين فيه لكشف وجهك .
ثانيا : أن تكون نيتك ومقصدك منه هو ستر عورات المسلمات ، بدلا من أن يتعرضن لكشفها أمام أطباء التخدير في غرف العمليات, والتي يكون فيها المرء فضلا عن المرأة في أغلب الحالات في لباس يكشف أكثر جسده كما هو معلوم .
ثالثا : أن تتيقني أو يغلب على ظنك أنك إذا لم تكشفي وجهك فسوف يعملون على طردك .
رابعا : ألا يكون في وجودك في هذا البلد أو كشف وجهك فتنة لك في دينك .
فإذا توفرت هذه الضوابط فلا حرج عليك في كشف وجهك بالقدر الذي يتم به تحصيل هذا التخصص وتثابين على نيتك إن شاء الله ، وإنما أفتينا بذلك مع أن ستر الوجه واجب على الراجح ، لأن مفسدة كشفه مع الاضطرار إلى ذلك أقل بكثير من مفسدة اطلاع الرجال على عورات المسلمات ، ومعلوم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان ، ومعرفة خير الخيرين وشر الشرين ، حتى يقدم عند التزاحم خير الخيرين ويدفع شر الشرين .
وقد حكى الله تعالى عن الخضر عليه السلام أنه خرق السفينة التي كانت لمساكين حتى لا يستولي عليها الملك الظالم الذي يغصب السفن الصالحة من أصحابها ، هذا مع أن خرقها مفسدة؛ لكن لما كان في فعلها دفع لمفسدة هي أعظم منها وهي ذهاب السفينة بأسرها واستيلاء الظالم عليها ، جاز دفع تلك المفسدة العظيمة بما هو أقل فسادا منها وهو الخرق الذي يمكن إصلاحه ، قال تعالى : أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا {الكهف: 79 } قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فتبين أن السيئة تحتمل في موضعين : دفع ما هو أسوأ منها إذا لم تدفع إلا بها ، وتحصيل ما هو أنفع من تركها إذا لم تحصل إلا بها ، وذلك ثابت في العقل؛ كما يقال : ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين ، وهذا باب التعارض.. باب واسع جدا ، لا سيما في الأزمنة والأمكنة التي نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة ، فإن هذه المسائل تكثر فيها. وراجعي للفائدة الفتوى رقم :56887 ، والفتوى رقم : 52183 .
والله أعلم .