السؤال
أولا: أنا فتاة مسيحية وأعتز بكوني هكذا.. قرأت بعض الاستشارات التي تفتك بنا وتشبه المرأة المسيحية بالكافرة أو المسيحي بشكل عام، نحن نعبد الله ولسنا كفارا، وهناك آيات وأحاديث دالة على ذلك، فلماذا إذا كنتم تعتبروننا كفارا أباح الرسول الزواج بالمسيحية وحلل لها أن تبقى على دينها، هذا يعني أنها ليست كافرة، ثم أنا أعرف أنكم في الإسلام تحترمون بقية الأديان وأنكم تؤمنون بالأنبياء جميعا، فأظن أنه من غير الصحيح التشبيه هكذا، وأنه مضر للعلاقات الاجتماعية، وأنه غير صحيح، وهناك الله وحده الذي يحكم في هذا الشأن، ما ردكم أو تعليقكم على هذا، أرجو الرد بأسرع ما يمكن وشكرا. أرجو الرد بلغةEnglish لأنه ليس لدي كمبيوتر باللغة العربية ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها السائلة أننا نحن المسلمين نؤمن بأن الله تعالى واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا ، كما نؤمن بأنبياء الله جميعا ورسله ولا نفرق بين أحد منهم، بل نعتقد أن من كفر برسول فقد كفر بالرسل جميعا وكفر بالله، ففي كتاب ربنا قال تعالى : إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا {النساء: 150 ـ 151 } ونؤمن بأن عيسى عبد الله ورسوله ، ونعتقد أن من شهد بذلك منا فهذا مما يؤدي إلى دخوله الجنة كما أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبد ه ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ــ أي من الأرواح التي خلقها ـ والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل . رواه البخاري ، ومن عقيدتنا أن عيسى ابن مريم ليس هو الله، وليس هو ابن الله، وليس هو وأمه مع الله آلهة ثلاثة ، ومن اعتقد ذلك فهو كافر بالله العظيم، وهكذا قال ربنا سبحانه وتعالى، ففي سورة المائدة المباركة يقول تعالى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم {المائدة: 17 } وفيها أيضا قال تعالى : لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم {المائدة: 73 } ونعتقد أن الله تعالى نزل على عبده ورسوله عيسى ابن مريم الإنجيل، وهو كتاب حق أوحاه الله تعالى إلى عيسى، فيه شرعه سبحانه، لكن هذا الكتاب مع الأسف الشديد كتبته أيد كثيرة وطاله تحريف كثير ، ولهذا نحن نجزم أن كثيرا من الإنجيل الموجود الآن على اختلاف نسخه ليس من عند الله بل هو من عند من حرفوه، فقد جاء في سورة البقرة المباركة قوله تعالى: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون {البقرة: 79 } .
وأما بخصوص كون الإسلام قد أباح نكاح الكتابيات فاعلمي أولا أن الإسلام لم يبح نكاح كل كتابية بل فقط العفيفات غير الزانيات كما قال تعالى : والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم {المائدة: 5 } ثم اعلمي أن الله تعالى إنما أباح للمسلم الزواج من الكتابيات تيسيرا على المسلمين فقد علم الله تعالى أن المسلم قد يرغب في نكاح غير المسلمة فأباح له ذلك واختار له الكتابية من بينهن لأن الكتابية ليست كغيرها من الكافرات لأن الأخريات وثنيات لا دين لهن ، أما الكتابية فذات دين وذات كتاب وإن كان محرفا وأصل دين أهل الكتاب الإيمان لكنهم ابتدعوا الكفر وكفروا ، وليس إباحة الزواج من الكتابية دليلا على أن الله ارتضى دينها بل إن الله تعالى نزل آخر الآية السابقة حتى لا يتوهم أحد ذلك، فقال تعالى : ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين {المائدة: 5 } قال ابن الجوزي في زاد المسير في تفسير هذه الآية : سبب نزول هذا الكلام أن الله تعالى لما رخص في نكاح الكتابيات قلن بينهن لولا أن الله تعالى قد رضي علينا لم يبح للمؤمنين تزويجنا ، ثم قال: وقال مقاتل بن حيان نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب يقول ليس إحصان المسلمين إياهن بالذي يخرجهن من الكفر، ونقول أخيرا لا يخفى عليك أنه ليس كل من عبد إلها يكون مؤمنا، فمن الناس من يعبد البقر ، ومنهم من يعبد الحجر ، ومنهم من يعبد الشجر أيكونوا مؤمنين بالطبع سيكون جوابنا وجوابك واحدا ، وهو لا يكونوا مؤمنين .
والله أعلم .