السؤال
ما حكم الدين في شراء عقار من شخص قد بناه بقرض ربوي، مع العلم أن الشخص قد أخذ كل القرض، وقد حدد لي جزءا من المبلغ يريده هو، أما الجزء الآخر يسدده للمصرف كمستحقات إما بالتقسيط وإما إعطاء المبلغ كاملا للمصرف؟ طبعا مع العلم أيضا أن القرض يرد كأقساط وأن كل قسط له فوائد يدفعها هذا الرجل ويترتب علي نفس الشيء لو أردت رد الجزء الباقي كأقساط أو دفعته مرة واحدة، وقد قال لي الرجل على سبيل المثال المبلغ الإجمالي هو مائة ألف دولار، وأني يجب أن أعطي الرجل -ستين ألفا، أما المصرف فيريد أربعين ألفا، أي إذا حسبنا ما أخذه الرجل من المصرف أقل من هذا المبلغ، وأنا أردت أن أشتري من الرجل وجزء من المبلغ الباقي أدفعه أقساطا للمصرف وهو مبلغ محدد لتتم عملية الشراء. فهل ذلك يجوز، أم أني في هذه الحالة أدخل في خانة الربا؟ مع العلم أني أريد الشراء، ولم آخذ شيئا من المصرف.
أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمما لا يختلف فيه اثنان أن الربا من أعظم المحرمات ومن أكبر الذنوب والسيئات، وهو الجالب لحرب الله. قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون { البقرة: 278 ـــ 279 }، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية. أخرجه أحمد والدارقطني وابن عساكر.
ومع ما ذكر، فإن الإثم في الاقتراض بالربا يتعلق بذمة المقترض لا بعين المال, وإذا تقرر ذلك، فإنه لا حرج على أي شخص في أن يشتري من غيره ما كان قد اشتراه من قرض ربوي، مع أن الأفضل تجنب معاملة حائز المال الحرام، ولك أن تراجع في حكم التعامل مع حائز المال الحرام فتوانا: 7707، وإذا قلنا بإباحة اشترائك لهذا العقار، فالذي يباح لك هو أن تدفع للبائع ثمنه حالا أو مؤجلا، حسبما تتفقان عليه، لا أن تتولى عنه دفع الأقساط إلى المصرف بما فيها من فوائد ربوية، فإن مثل ذلك يعد تعاونا مع هذا الشخص ومع المصرف على ما تعاقدا عليه من الإثم، والله تعالى يقول: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان { المائدة: 2 }.
وبناء على ما قدمنا، فإذا أردت أن تدفع الثمن كله عاجلا فلا إشكال، وإن أردت بعضه مؤجلا فلتدفعه له ويتولى هو إن شاء توريده للبنك.
والله أعلم.