السؤال
ماذا أعمل إذا مر أحد أمامي وأنا أصلي سواء في صلاة الفرد أوالجماعة , وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الأخ السائل يصلي منفردا أو إماما فهومأمور شرعا أن يتخذ سترة أمامه، فإذا مر بينه وبينها إنسان أو حيوان جاز له- بل يسن له- أن يدرأه ولا يتركه يمر أمامه، بل يدفعه بما لا تبطل به صلاته، وكذلك الحكم إذا لم تكن له سترة ومر شيء قريبا منه، وإن كان يصلي مأموما فما مر بينه وبين إمامه رده لئلا يمر أمامه، وما مر أمام الإمام فليس للمأموم دفعه لأن الإمام سترة للمأموم، بل يدفعه الإمام إن مر بينه وبين سترته، أو مر قريبا منه إذا لم تكن له سترة، قال في دقائق أولي النهى ممزوجا بنص المنتهى في الفقه الحنبلي: وسن لمصل (رد مار بين يديه) كبير، أو صغير، أو بهيمة بلا عنف لحديث أم سلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله، أو عمر بن أبي سلمة، فقال بيده هكذا فرجع، فمرت بين يديه زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هن أغلب. رواه ابن ماجه انتهى،
وقال النووي في المجموع: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان} رواه البخاري ومسلم، قال أصحابنا: " ويستحب للمصلي دفع من أراد المرور لحديث أبي سعيد المذكور. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن أراد أحد المرور بين يدي المصلي، فله منعه في قول أكثر أهل العلم ; منهم ابن مسعود، وابن عمر، وسالم . وهو قول الشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي . ولا أعلم فيه خلافا، والأصل فيه ما روى أبو سعيد، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول {: إذا كان أحدكم يصلي إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان } . متفق عليه . ورواه أبو داود، ولفظ روايته: {إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان}. ومعناه: أي ليدفعه. وهذا في أول الأمر لا يزيد على دفعه، فإن أبى، ولج، فليقاتله، أي يعنفه في دفعه من المرور، فإنما هو شيطان، أي فعله فعل الشيطان، أو الشيطان يحمله على ذلك. وقيل معناه: أن معه شيطانا. وأكثر الروايات عن أبي عبد الله، أن المار بين يدي المصلي إذا لج في المرور، وأبى الرجوع، أن المصلي يشتد عليه في الدفع، ويجتهد في رده، ما لم يخرجه ذلك إلى إفساد صلاته بكثرة العمل فيها . وروي عنه أنه قال: يدرأ ما استطاع، وأكره القتال في الصلاة. وذلك لما يفضي إليه من الفتنة وفساد الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر برده ودفعه حفظا للصلاة عما ينقصها، فيعلم أنه لم يرد ما يفسدها ويقطعها بالكلية، فيحمل لفظ المقاتلة على دفع أبلغ من الدفع الأول. والله أعلم. انتهى.
ومن هذا يعلم أن دفع المار بين المصلي وبين سترته أو بين المأموم وإمامه جائز بل هو سنة أ ومستحب، وكذلك الحكم في حال عدم وجود السترة إن مر شيء أمام المصلي قريبا منه، لكن لو مر شيء أمام المصلي فرده فلم يرجع، أو لم يدفعه أصلا ومر بين يديه لم تبطل الصلاة، ولبيان حكم السترة وتحديدها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 49124.
والله أعلم