السؤال
مشكلتي أني أعاني من وسواس في الإيمان بالله منذ أن قررت الالتزام، وهذه الوساوس ملازمة لنفسي وتشعرني بكآبة شديدة جدا قد تجعلني أبكي لفترة طويلة وأتهم نفسي بالجنون والخرف حتى أني لأنادي نفسي بالمجنون وأخاف أن يغضب علي الله غضبا إلى يوم القيامة، وكثيرا ما أتذكر قول الله تعالى: إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون. وأبكي وأنا مع هذه الكآبة لا أخبر بها أحدا وأكتمها في نفسي غير أني أشعر في بعض الأحيان أن هذه الوساوس نجحت في أن تدخل الشك في قلبي... فإذا قلنا إن هذه الوسوسة نجحت في إدخال الشك لبعض الوقت، فهل سيحبط الله عملي ويمقتني، وفي النهاية أرجو أن تجيبوا على سؤالي دون إحالتي إلى فتاوى سابقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن العبد الذي على الحق يأتيه الشيطان ليزعزع إيمانه وليشككه في إيمانه، فعليك أن تقطع على هذا اللعين حبائله وتفطن إلى مكائده، فقد قطع على نفسه وعدا ببذل كلما أوتي من جهد في سبيل إغواء العباد، قال تعالى حاكيا عنه: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمآئلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين {الأعراف:16-17}.
ولا يستطيع الشيطان مع العبد أكثر من الوسوسة، فقد جاء بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما لو يكون أحدنا حممة (فحمة) أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفا.
وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب.
فننصحك -أيها الأخ الكريم- بأن تعرض عن هذه الوساوس، وأن لا تلتفت إليها، واعلم أن الله لن يحبط عملك بمجردها، ولكن الاستمرار عليها والاسترسال فيها وخيم العاقبة.
والله أعلم.