إزالة شبهة في إعادة عزير إلى الحياة بعد أن أماته الله

0 560

السؤال

ما هي كيفية الجمع بين حديث والد جابر عندما طلب العودة إلى الدنيا بأن الله أخبره أنهم إليها لا يرجعون، وعودة عزير، والذين أحياهم عيسى -عليه السلام- بإذن الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن كنت تقصد ما رواه الإمام أحمد في المسند عن جابر قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا جابر؛ أما علمت أن الله -عز وجل- أحيا أباك، فقال له: تمن علي، فقال: أرد إلى الدنيا، فأقتل مرة أخرى، فقال: إني قضيت الحكم أنهم إليها لا يرجعون. وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

فهذا الحديث -ومثله نصوص أخرى من الوحي- يدل على أن الله تعالى قضى على من مات أنه لا يرجع إلى الدنيا رجوعا مستمرا، ولا يبعث إلى يوم القيامة، ولا تعارض بين هذا وبين ما رود في نصوص أخرى تدل على رجوع بعض من ماتوا إلى الحياة الدنيا رجوعا عارضا مؤقتا لحكم عظمية، من أبرزها تأكيد أمر البعث الأخروي، وإظهار قدرة الله عليه للعيان.

قال ابن جرير الطبري في تفسير قوله تعالى: فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون {البقرة:73}: مخاطبة من الله عباده المؤمنين، واحتجاج منه على المشركين المكذبين بالبعث، وأمرهم بالاعتبار بما كان منه جل ثناؤه من إحياء قتيل بني إسرائيل بعد مماته في الدنيا. فقال لهم تعالى ذكره: أيها المكذبون بالبعث بعد الممات، اعتبروا بإحيائي هذا القتيل بعد مماته، فإني كما أحييته في الدنيا، فكذلك أحيي الموتى بعد مماتهم، فأبعثهم يوم البعث. انتهى

وقال ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون {البقرة:243} قال: وكان في إحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة، ولهذا قال: {إن الله لذو فضل على الناس}، أي فيما يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة والدلالات الدامغة {ولكن أكثر الناس لا يشكرون} أي لا يقومون بشكر ما أنعم الله به عليهم في دينهم ودنياهم. انتهى.

وقال ابن حيان في تفسيره البحر المحيط: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف. مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى متى ذكر شيئا من الأحكام التكليفية، أعقب ذلك بشيء من القصص على سبيل الاعتبار للسامع، فيحمله ذلك على الانقياد وترك العناد، وكان تعالى قد ذكر أشياء من أحكام الموتى ومن خلفوا، فأعقب ذلك بذكر هذه القصة العجيبة، وكيف أمات الله هؤلاء الخارجين من ديارهم، ثم أحياهم في الدنيا، فكما كان قادرا على إحيائهم في الدنيا هو قادر على إحياء المتوفين في الآخرة، فيجازي كلا منهم بما عمل. ففي هذه القصة تنبيه على المعاد، وأنه كائن لا محالة، فيليق بكل عاقل أن يعمل لمعاده: بأن يحافظ على عبادة ربه، وأن يوفي حقوق عباده. انتهى. 

 وقال الشيخ ابن عثيمين في تفسيره عند تفسير قوله تعالى: ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون {البقرة:56}: وهذه إحدى الآيات الخمس التي في سورة البقرة التي فيها إحياء الله تعالى الموتى؛ والثانية: في قصة صاحب البقرة؛ والثالثة: في الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فقال الله لهم: {موتوا ثم أحياهم} [البقرة: 243]؛ والرابعة: في قصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها، فقال: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه} [البقرة: 259]؛ والخامسة في قصة إبراهيم: {رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي...} [البقرة: 260] الآية؛ والله تعالى على كل شيء قدير، ولا ينافي هذا ما ذكر الله في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} [المؤمنون: 15، 16] ؛ لأن هذه القصص الخمس، وغيرها . كإخراج عيسى الموتى من قبورهم . تعتبر أمرا عارضا يؤتى به لآية من آيات الله سبحانه وتعالى؛ أما البعث العام فإنه لا يكون إلا يوم القيامة. انتهى

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات