السؤال
توفي أبي منذ 4 شهور وكان مريضا بسرطان في المرارة رحمه الله وأنا متعلقة به جدا وخاصة في الفترة الأخيرة من عمره فكنت ملازمة له في مرضه فزاد تعلقي به، والآن أحيانا أمسك صورته وأظل أنظر إليها وأتحدث معه أقول له أخباري، أقول له صباح الخير مثلا أطلب منه أن يخبرني عن أخباره أطلب منه أن يأتيني فى منامي لكي أطمئن عليه وكذلك إذا ذهبت لزيارته في المقابر، ربما يقل هذا الشعور مع مرور الوقت لا أدري، وسؤالي الآن هل ما أفعله حرام هل يعني هذا أني غير مؤمنة بالقضاء والقدر، هل يعني ذلك أني لم أصبر، أنا أجد راحة نفسية في الحديث معه أنا لا أفعل ذلك كثيرا، ولكني مستعدة أن أتوقف عن ذلك إذا كان حراما؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نعزي الأخت في مصابها، ونذكرها بفضل الصبر على المقدور، وأن ما قدر الله خير، وأن الله سيعوضها بسبب صبرها خيرا من الوالد، فقد روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى. فلتصبر ولتحتسب.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة.
ثم إنا ننصحك بالبعد عن الاشتغال بالصور، والبعد عما لا ينفع من الكلام مع صورة لا تسمع ولا تعقل ولا تجيب علما بأن الاشتغال بالصور قد يؤدي للتعلق بها والغلو إضافة إلى أن الأصل في تعليقها التحريم على الراجح، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة تعليق الصور الكاملة الرأس، واحتجوا لذلك بعدة أدلة منها حديث: لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم. وحديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدع صورة إلا طمستها. رواه مسلم. وحديث جابر: نهى عن الصورة في البيت. رواه الترمذي وصححه، وحديث عائشة: أنها نصبت سترا فيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه. رواه البخاري ومسلم.
ومنها أنه قد يؤدي إلى الغلو والتعظيم كما حصل لقوم نوح، فقد ذكر ابن عباس: أن ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون إليها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. رواه البخاري وذكره الطبري وابن كثير في تفسيريهما.
وذهب المالكية إلى كراهية تعليق الصور التي لا ظل لها، وقد رجح النووي وابن حجر والشوكاني والمباركفوري في تحفة الأحوذي مذهب الجمهور، وقد أفتى بتحريم تعليق الصور كثير من العلماء المعاصرين منهم الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وعللوا ذلك بأنه قد يؤدي للتعظيم والغلو.
وعليك بالاستعانة بالدعاء والصلاة، وكثرة المطالعة في الترغيب والترهيب، وصحبة أهل الخير ومجالستهم وملء وقتك بما ينفع من علم وعبادة ونشاط نافع وخدمة المسلمين، وعليك بالحرص على الاستفادة من الإنترنت فيما ينفع من البحوث المفيدة ومتابعة الدروس العلمية التي تلقى في أطراف العالم، وتنقل عبر المواقع الإسلامية، وحاولي أن تبرمجي برنامجا يشمل برامج تربوية تعليمية وبرامج ترفيهية مباحة حتى تتسلي بها عن التعلق بالوالد رحمه الله تعالى وتستفيدي فوائد علمية وتربوية.
والله أعلم.