أمور تقي من السحر .. وإثم تارك الصلاة

0 364

السؤال

أختي تصغرني بسنة، عمرها 25 سنة، يعني هذا أنها فتاة واعية وعاقلة، والمصيبة أنها لا تصلي، وإذا صلت تصلي أياما قليلة ثم تنقطع عن الصلاة، تعبت معها، لم أترك أسلوبا معها، ولكن -للأسف- بدون نتيجة، ولديها أسلوب لا يطاق عندما توجه لها النصيحة، لا ترد علي بكلمة، وتبقى صامته، وتتجاهلني، ولا تلتفت إلي بنظرة، مما يغضبني وأضربها بأي شيء أمامي، لا تتهمونني أنني لا أملك أسلوبا مقنعا، أو أسلوبي منفر، بل على العكس، أكلمها عن الراحة عندما الإنسان يصلي، وفضل الصلاة، ورضا الله وغضبه وعقابه، وأقص عليها بعض المواقف والقصص لتاركي الصلاة، من قبل يومين تناقشنا كالعادة، وأخيرا صارحتني أنها لا تستطيع الصلاة، وأنها تريد أن تصلي، ولكنها تقول: إنها ثقيلة مثل الجبال على صدرها، هذه الحالة منذ زمن بعيد، لكنها زادت بعد ما ذهبنا أنا وهي إلى شيخ للرقية الشرعية، فتبين أن فينا سحرا أنا وهي، أعطانا الشيخ برنامجا ومشينا عليه، وأنا تابعت، والحمد الله شفيت، أما هي فالصلاة قطعتها تقول غصبا عنها. فماذا أفعل معها؟ وكيف أساعدها؟
أيضا: عندنا مشكلة بموضوع الزواج، لا تتيسر أمور الزواج نهائيا، وبشكل ظاهر وغريب، وعندما نفتح موضوع الزواج لا تتابع الموضوع، ولسان حالها يقول: لن يصير، وفعلا يفشل لأسباب تافهة، وتقول لي: أنت تصلين وتقرئين القرآن وتتابعين البرنامج مع الشيخ. ماذا حصل؟ هل تغير شيء فيك؟
أرجوكم ساعدوني، وادعوا لنا بالشفاء والهداية والزواج، أرجوكم ردوا علي، ولا تحيلوني إلى بعض الفتاوى، لكي أجد ضالتي، واعذروني عن الإطالة، فليس لي بعد الله سواكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أولى ما يجب الاعتناء به في علاج ما ذكرت وغيره من أنواع الانحرافات؛ هو التعامل مع الأخت بالرفق والحكمة والموعظة الحسنة، والتركيز على تقوية الإيمان وإصلاح القلوب وإتقان الصلاة، والحرص على تقوية صلة النفوس بالله تعالى، والإكثار من الحديث عن الأسباب المعينة على خشية الله تعالى، والرغبة في ما عنده، واستشعار مراقبته، والإكثار من الحديث عن الآخرة والقبر والجنة والنار، والترغيب في ذكر الله تعالى، وتعليم الأحكام الشرعية، فقد روى البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا.

وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. وفي الحديث: وأمركم بذكر الله -عز وجل- كثيرا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره، فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله -عز وجل. رواه أحمد، والترمذي، والحاكم، وصححه الألباني.

واحرصي على توفير صحبة صالحة للأخت، وأبعديها عن الصحبة السيئة، ثم اعلمي أن الصلاة أمرها عظيم، وشأنها جليل، وتركها من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وإثم تركها أعظم من إثم قتل النفس والزنا، وأكبر من إثم شرب الخمر والسرقة وأكل الربا، وهذا بإجماع المسلمين، فلم يخالف في ذلك أحد منهم، وقد سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- تركها كفرا في أحاديث عديدة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه النسائي، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الترمذي، والألباني.

وقوله صلى الله عليه وسلم: إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. رواه مسلم في صحيحه، ورواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه بلفظ: بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة. وصححه الترمذي، والألباني.

فليخش الإنسان على نفسه من هذا الوعيد الشديد، واعلمي أن صلاح الصلاة يعني صلاح الأعمال الأخرى، وفسادها يعني فسادها أيضا، لأن أول ما يحاسب عليه المرء صلاته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإذا صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي، وصححه الألباني.

وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ترك الصلاة يحبط أعمال العبد، فعن بريدة -رضي الله عنه- قال: بكروا بالصلاة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من ترك صلاة العصر حبط عمله. رواه البخاري في صحيحه.

ولا بأس باستعمال الرقية الشرعية من الكتاب والسنة يفعلها العبد لنفسه أو يطلب من يفعلها له من أهل الصلاح والاستقامة على السنة.

هذا؛ ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر: المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة، وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة، وقراءة كامل سورة البقرة في المنزل وتكرارها تطرد الشيطان كما صح بذلك الحديث، ولمزيد من التفصيل في هذا المقام تراجع الفتوى: 502.

وأما موضوع الزواج، فمن أهم وسائل تحقيقه إكثار الدعاء والمحافظة على الحجاب الشرعي والعفة والبعد عن الاختلاط، لقوله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله {النور: 33 }، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يستعفف يعفه الله. رواه البخاري من حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه-.

ولا غضاضه على المرأة أن تعرض نفسها على من يرتضى دينه وخلقه، ويمكن أن يتم ذلك بطلبه بواسطة إحدى محارمه، ويمكن أن يكون بواسطة أبيها هي أو أخيها كما عرض عمر بنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وقد عرض بعض نساء السلف نفوسهن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليكم بالحرص على تخفيف المهر، فهو من يمن المرأة كما في الحديث: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها. رواه أحمد من حديث عائشة، وراجعي في أسباب استجابة الدعاء، وفي عرض الرجل بنته على أهل الصلاح الفتاوى التالية: 2150، 2395، 13770، 7087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة