القول الفصل في سن عائشة حين زواجها

0 621

السؤال

هل يوجد حديث شريف واحد متفق عليه من الرسول الأعظم -من فمه الشريف هو نفسه- بأنه تزوج أمنا عائشة في سن 9 سنوات؟ وإذا كان يوجد هذا الحديث فأتوني به.
أنتم اعتمدتم على رواية منسوبة إلى السيدة عائشة بأنها كانت بنت كذا وكذا. فهل حديث السيدة عائشة من السنة؟ وهل السنة تشمل أقول وأفعال أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن جميعا-؟
ولماذا تضللون قراءكم وتحجبون عنهم وجود خلاف تاريخي بشأن تقدير سن زواج السيدة عائشة؟! لماذا لا تكونون نزهاء وتخبروا قراءكم بذلك على الأقل؟!
هل كل هذا لأن القصة موجودة في البخاري؟ وهل البخاري كتاب تاريخ وحالة مدنية؟ مع الاعتذار عن حدة اللهجة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا لا نعلم حديثا نبويا في الأمر، إلا أننا ننبهك إلى أن عائشة أدرى بنفسها، وهي قد حدثت بهذا، وصح عنها السند به، واعلم أنه ليس كل خلاف معتبرا حتى يكون له مستند مقبول عند أهل العلم، ولله در القائل:

وليس كل خلاف جاء معتبرا      حتى يكون له حظ من النظر.

ثم إن البخاري أتى بسيرة الرسول وصحابته، ومروياته في الأغلب هي الأصح، مع أنه لم ينفرد بهذا الأمر، ففي صحيح مسلم وغيره عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: تزوجني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين.  

وقد تواترت كتب الحديث والسيرة وشروح الحديث على ذلك، وانظر على سبيل المثال: فتح الباري شرح صحيح البخاري (7/281) للحافظ ابن حجر: باب تزويج النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة رضي الله عنها، والروض الأنف (4/427) للسهيلي، وسبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للصالحي الشامي (11/164). والبداية والنهاية لابن كثير.

وما اتفق عليه الشيخان في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب في هذه المسألة، لم نجد من انتقده عليهما، ولم نجد أحدا من شراح الحديث اعترض على هذا التاريخ ولا نقل ما يخالفه، فما في الصحيحين من الروايات التاريخية يتعين تقديمه على ما في سواهما، ولا سيما إذا لم نجد من نقل الخلاف عن السلف لما قالت عائشة، وممن تحدث عن سن زواج عائشة عروة وهشام ابنه، فقد نقلا كلامها ولم يعترضاه، ويضاف لهذا أن من أسباب الترجيح كون الراوي صاحب القصة، وعائشة حدثت عن نفسها بما ذكر فلزم تصديقها.

 ثم إن الصحيحين قد تلقتهما الأمة بالقبول، وذلك لجلالة هذين الإمامين ورسوخ أقدامهما في معرفة الحديث ورجاله، قال الإمام النووي: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول. انتهى.

 ومن المعلوم عند أهل العلم الثقات ورثة العلم الصحيح عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن البخاري ومسلما قد اشترطا أعلى درجات الصحة، ومن هنا فقد جعل هؤلاء العلماء أعلى مراتب الصحيح ما اتفق عليه البخاري ومسلم، ثم ما انفرد به البخاري...إلخ.

 وقد قام بعض العلماء بانتقاد أحاديث يسيرة في الصحيحين كالإمام الدارقطني في كتاب الإلزامات والتتبع، وقد تصدى للرد عليه جمع من علماء الحديث كالحافظ ابن حجر والإمام النووي، وبينوا أن الحق في أغلبها مع الإمام البخاري، بل إن حاصل الأمر أنه قد انتقدت عليه مخالفة ما التزمه، قال الإمام النووي في مقدمة شرح مسلم: قد استدرك جماعة على البخاري ومسلم أحاديث أخلا فيها بشرطهما، ونزلت عن درجة ما التزماه.... وقد أجيب عن ذلك أو أكثره. انتهى.

واعلم أن كلام عائشة ليس من السنة التي يعنى بها سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إذا تكلمت في أمر وقالت فيه من السنة كذا، فيعتبر حديثا مرفوعا كما قال أهل المصطلح.

وراجع ما ذكرناه في الفتوى: 73838.

والله اعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة