الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أنكر وجود الله تعالى فهو مرتد, وتلزمه التوبة إلى الله تعالى والدخول في الإسلام من جديد، فإن تاب تاب الله عليه قال سبحانه وتعالى:
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف {الأنفال: الآية38} وقال الله عز وجل: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما (68) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا (69) إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (70) ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان:68 – 71}.
و قال تعالى في المنافقين : إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا* إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما{النساء: 145 ـ 146 }
وقال تعالى بعد ذكر بعض أخبار المنافقين من أهل المدينة ومن الأعراب: ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم{التوبة: 104 }
وقال للنصارى: أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم.[المائدة:74].
وهذا, وننبهك إلى الحذر الشديد من الغضب والقنوط من رحمة الله تعالى, فان الغضب أمره خطير جدا؛ ولهذا حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم نظرا لما يترتب عليه من آثار سيئة ومخالفات شرعية، وبين طرق علاجه في أحاديث كثيرة. فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: لا تغضب. فردد مرارا، فقال: لا تغضب. وفي رواية أحمد وابن حبان: ففكرت حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا الغضب يجمع الشر كله .
قال ابن التين: جمع صلى الله عليه وسلم في قوله "لا تغضب" خير الدنيا والآخرة، لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من دينه.
وسبيل العلاج منه بتجنب أسبابه ومهيجاته، وعليه يخرج قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب" أي اجتنب أسباب الغضب، فعليك أن تنظري ما الذي يثير غضبك وحنقك فاجتنبيه, وإذا أحسست بالغضب فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، فقد استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما تحمر عيناه، وتنتفخ أوداجه فقال صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" متفق عليه من حديث سليمان بن صرد رضي الله عنه.
فإن اشتد عليك الغضب أكثر فإن كنت قائمة فاجلسي، أو قاعدة فاتكئي، أو متكئة فاضطجعي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا غضبت فإن كنت قائما فاقعد، وإن كنت قاعدا فاتكئ، وإن كنت متكئا فاضطجع" أخرجه ابن أبي الدنيا، وقال العراقي في تخريج الإحياء: إسناده صحيح.
ومن سبل دفع الغضب وإسكانه: الوضوء. فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تبرد النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث عطية بن عروة رضي الله عنه.
واما اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى فهو أمر خطير يجب الحذر منه والتنبه له لأنه من صفات الكافرين والضالين. قال تعالى: ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف:87} [يوسف:87] وقال تعالى: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر:56} .
فالعاقل المؤمن لا ييأس أبدا ولا يقنط من رحمة ربه مهما ضاقت عليه الدنيا وتقطعت به الأسباب، وكيف يتسرب اليأس إلى قلب المؤمن وهو يقرأ قوله تعالى: سيجعل الله بعد عسر يسرا {الطلاق:7}. وقوله تعالى: فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا {الشرح:5-6}
يقول ابن مسعود : لو دخل العسر جحرا لتبعه اليسر حيث كان.
وما أحسن قول الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بهـا الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج
وعليك بالمواظبة على الصلاة ففي الصلاة شفاء مما تجدين، وعون على حل المشاكل التي تعانين منها, قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة {البقرة:45} .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حانت الصلاة يقول لبلال رضي الله عنه: يا بلال أقم الصلاة، أرحنا بها. رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالصلاة راحة نفسية وسكينة وطمأنينة لا يجدها القلب في غيرها. نسأل الله لك الهداية والرشاد.
والله أعلم .