السؤال
أنا شاب متزوج منذ أكثر من 8 سنوات ولا ينقصني والفضل والشكر لله شيء، فأنا أعمل في شركة كبيرة وعندي امرأة جميلة متزنة متدينة ومؤمنة وعندي أطفال وأنا أواظب على الصلاة والزكاة والعمرة والقرآن والحمد لله، وهذا هو قلقي أني تعبت وشقيت نفسيا وعقليا لأصل لما أنا فيه من نعمة ربي وتوفيقه، إلى أن تعرفت على امرأة بالصدفة في مكان عملي، مع العلم بأن عملي لا يخلو من النساء أبدا وقد رأيت الكثير منهن (جميل أو غير جميل) عذرا لهذا الكلام... تعلقت بها نفسي وقلبي ولا أدري لماذا، علاقتي معها بدأت تكبر والزمن الذي أقضية معها بالهاتف بدأ يطول، قرأت القرآن دعوت الله أن يريح قلبي وما زلت أدعو وسأظل أدعو، حاولت أن أشغل نفسي في العمل أكثر، حاولت أن أبتعد عنها... صدقوني حاولت لم أفكر بها أبدا جنسيا ولم أصل لهذا الحد معها خرجنا معا وتكلمنا معا هي تبادلني بعض هذا الشعور رفضي لهذا الحب الغريب أيضا غريب ولا أراها زوجة... فهي من النوع المتحرر والجميل وأنا وعائلتي "بدوان" بصراحة، وأنا أحب زوجتي وأولادي أيضا، ومشاكلي معها ليست بالكثيرة بل ولله الحمد معدومة نسبيا، ما يقلقني أني أيضا لست من هذا النوع من الرجال الذي يقضي ليلة مع تلك وليلة أخرى مع تلك، وهمي دراستي ومعرفتي، فماذا أفعل، فماذا أفعل، فماذا أفعل، أريد أن أعود لحياتي الطبيعية، فأنا أسهر ولا آكل وتشتت في عملي وعلاقتي مع الناس وبدأت أشعر ببعدي عن زوجتي وأطفالي، ساعدوني؟ جزاكم الله الخير كله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذا البلاء، وعليك أن تقطع العلاقة بهذه المرأة نهائيا، وتتوب مما سلف، وعليك الحذر من الوقوع في العشق فإنه مرض يصيب القلب، يصعب التخلص منه، وقد قيل عنه أن مبادئه سهلة حلوة، وأوسطه هم وشغل قلب وسقم، وآخره عطب وقتل إن لم يتداركه عناية من الله، وإذا كنت قد وقعت فيه فعليك بالدواء المذكور في الفتوى رقم: 9360.
ومن الدواء ما ذكره ابن القيم في كتابه القيم (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) والذي ننصحك بقراءته، حيث قال: ليعلم أي العاشق أن ما ابتلي به من الداء مضاد للتوحيد، فليأت من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكر فيه، ويكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه، وأن يرجع بقلبه إليه، وليس له دواء أنفع من الإخلاص لله، وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه، حيث قال: كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين. وأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصه، فإن القلب إذا خلص وأخلص عمله لله لم يتمكن منه عشق الصور فإنه إنما تمكن من قلب فارغ. انتهى.
كما ينبغي لك أن تأخذ بأسباب الوقاية من الوقوع في هذا الداء مستقبلا، ومنها:
- غض البصر فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، وقد قيل: من أطلق لحظاته دامت حسراته.
- اشتغال القلب بما يصده عن ذلك ويحول بينه وبين الوقوع فيه من الخوف والرجاء، ثم تذكر أن النعم تحفظ بالشكر، وتزول بالمعاصي، كما قال الله تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد {إبراهيم:7}، قال الشافعي رحمه الله:
إذا كنت في نعمة فارعها * فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد * فرب العباد سريع النقم
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى، وأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى، وجنبنا الفتن ما ظهر ومنها وما بطن.
والله أعلم.