آية (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ) وعلاقتها بالوسواس القهري

0 450

السؤال

هل تعتبر الآية في سورة البقرة رقم 155-157لها علاقة بالوسواس القهري؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا شك أن الوسواس القهري مرض يعتري المرء، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط ‏على المريض وتضطره لتكرارها، وإذا لم يكرر الفعل أو لم يتسلسل مع الفكرة يشعر ‏المريض بتوتر، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا كرر الفعل، وتسلل مع الفكرة.

وبعد أن ‏يطاوع الوسواس يعاوده الدافع للفعل ثانية، ولا يزول المرض بهذا بل يتمكن منه، ولا شك ‏أن المرض نوع من البلاء، قال تعالى: كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون {الأنبياء: 35}.

والابتلاء بالمرض يدخل في قوله -صلى الله عليه وسلم-: ما ‏يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى ‏الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري ومسلم. ومعنى (الوصب): ‏المرض.

وفي هذا الحديث بيان أن الابتلاء يكفر الله به الخطايا، وقد أرشدنا رسول الله -‏صلى الله عليه وسلم- إلى الصبر في الضراء، والشكر في السراء، فقال: عجبا لأمر المؤمن: ‏إن أمره كله خير. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، ‏وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.

ومن هنا؛ فإننا ننصح من ابتلي بهذا ‏بالمرض أو غيره بالصبر لقضاء الله وقدره، ولا يخفى أن الرضا بقضاء الله وقدره من أركان ‏الإيمان الستة الواردة في حديث جبريل لما سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان ‏فقال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ‏من الله تعالى. رواه البخاري ومسلم.

وإذا أردت مزيدا من التفصيل حول الوسواس ‏القهري فإننا نحيلك إلى الفتوى: 3086. فارجع إليه إن شئت.‏ مع العلم بأن الصبر لا يتنافى مع الأخذ بأسباب العلاج والشفاء. نسأل الله لك الشفاء.‏

أما الآية التي سألت عنها وهي: قوله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين {البقرة: 155}، فقد بين الله -سبحانه ‏وتعالى- فيها بعض أنواع البلاء التي يبتلي بها عباده، ثم جاء الثناء على الصابرين عند ‏المصائب عامة الذين يقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون.

قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- ‏أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده: أي يختبرهم ويمتحنهم، كما قال تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم ‏المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم)، فتارة بالسراء، وتارة بالضراء من خوف ‏وجوع… و (نقص من الأموال) أي: ذهاب بعضها، (والأنفس) بموت الأصحاب ‏والأقارب والأحباب. اهـ.

قال -أيضا-: وقد حكى بعض المفسرين أن المراد بنقص الأموال: ‏الزكاة، والأنفس: الأمراض، والثمرات: الأولاد. وفي هذا نظر. والله أعلم. (تفسير ابن ‏كثير1/259).

ولذلك؛ فإننا اخترنا لك أدلة أخرى أصرح من هذه الآية، تبين أن المرض ‏من البلاء الذي يكفر الله به الخطايا عند الصبر والاحتساب، كما تقدم في الجواب.‏

والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة