السؤال
دليل المالكية في قولهم ببطلان الصوم بخروج المذي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد ذهب المالكية إلى أن إخراج الصائم للمذي يقظة بلذة معتادة ولو كان خروجه عن نظر مبطل للصوم، أما خروجه بلا لذة أو بلذة غيرمعتادة ولو عن مقدمات كنظر ونحوه فغير مبطل للصوم. ووافقهم الحنابلة على أن خروج المذي مفطر إلا أنهم اشترطوا أن يكون خروجه ناتجا عن مباشرة كمس، أما خروجه بلا مباشرة بل بنظر ونحوه فغير مبطل. ودليل القول بأن خروجه يفطر الصائم ما في الصحيحين وغيرهما أن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأربه. والأرب الحاجة، ووجه الدليل أن عائشة رضي الله عنها أشارت باستدراكها هذا أن تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم ومباشرته لنسائه لا يستدعي خروج المذي ولا غير ذلك لأنه كان أملك الناس لحاجة نفسه فلا تثور شهوته صلوات الله وسلامه عليه في الأوقات التي لا تنبغي ثورتها فيها، ونبهت بذلك إلى أن من لا يملك أربه لا ينبغي له أن يقبل لئلا تغلبه شهوته فيخرج منه مذي أو غير ذلك، ويقوي هذا المعنى ما رواه أبو داود: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فسأله فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب. وذلك لأن الشاب تثير المباشرة عادة شهوته بخلاف الشيخ الكبير. ومما يستدل به على الإفطار بخروج المذي حسب ما سبق بيانه أن في خروجه كذلك نوعا من إتيان الشهوة واللذة، والصائم مطالب بالابتعاد عن ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الصائم: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. متفق عليه.