السؤال
توفي قريب لي وهو كان يعمل في شركة مرموقة وكان ينظم جمعيات ادخارية بالقرعة وقبل وفاته أخبرني أن عليه دينا من أموال الجمعية حيث إنه كان إذا مر بضائقة اقترض من الجمعية و سدد فيما بعد ولكن عندما داهمه المرض لم يلحق أن يسدد هذا الدين و هو لم يبلغني تفاصيله ولكن بعد وفاته أخبرني بعض زملائه أنه بذلك يكون قد خان الأمانة وعلى ورثته سداد ما عليه.
والسؤال: هو ترك مستحقات لدي شركته تكفي لسداد الدين ويفيض منها الكثير فهل من المفروض أن يتحمل كل الورثة هذا الدين لأن والدتهم تجبر القادرين من أولادها فقط على سداد هذا الدين وترك بقية التركة لإخوانهم فهل هذا يجوز أم لا؟ وما حكم الشرع في خيانة الأمانة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز تقسيم تركة هذا المتوفى قبل سداد ما عليه من دين لهذه الجمعية وغيرها، وإنفاذ وصاياه في حدود ثلث الباقي من التركة بعد سداد الديون، وإذا كان تقسيم التركة قد تم قبل ذلك فإن كل وارث يتحمل من هذا الدين بقدر حصته من التركة، سواء في ذلك الأغنياء منهم والفقراء، ولكن إذا طابت نفوس الأولاد الأغنياء بتحمل هذا الدين دون الفقراء منهم فهذا أفضل لما فيه من البر بأمهم وإخوانهم.
أما حكم خيانة الأمانة فهو التحريم فقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون {الأنفال:27} وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
وأما نسبة الميت إلى خيانة الأمانة.. فإذا كان المتوفى قد اقترض من أموال الجمعية بعلم أعضائها أو من له حق الإذن في ذلك ولم يفرط في سداد قرضه وأوصى بقضائه فلا يجوز نسبته إلى خيانة الأمانة؛ بل نسبته إلى خيانة الأمانة في هذه الحالة محض بهتان.
وإذا كان قد اقترض بدون علم أعضاء الجمعية أو علم من يحق له الإذن في ذلك فلا شك أن ذلك من خيانة الأمانة، ولكن ينبغي السكوت عن وصفه بذلك، فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا.
والله أعلم.