السؤال
وليمة الزواج، هل الأفضل أن تكون في المسجد أم لا يوجد فضل لذلك حيث إني كنت أرى معظم المشايخ والملتزمين (نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا) يقومون بعمل الولائم والعقائق بالمساجد ولكني مؤخرا مع استعدادي للزواج وجدت من يقول إن هذه ليست سنة ولا حتى ذات فضل إنما هي امتهان للمسجد بسبب ما يمكن أن يحدث من أوساخ وما إلى ذلك، وقالوا أيضا إن الصحابة رضي الله عنهم والرسول علية الصلاة والسلام إنما كانوا يقومون بها في المسجد لأنهم لم يكن عندهم بدائل أخرى فالمسجد هو مكان تجمعهم واحتفالهم وكل شيء.فهل الأفضل إقامتها بالمسجد مع اتخاذ ما يلزم لمحاولة الحفاظ على نظافته أم إقامتها خارج المسجد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا لم نطلع على ما يدل على أفضلية إقامة وليمة النكاح في المسجد ولا على أن الصحابة كانوا يدعون إليها في المسجد.
وعليه؛ فالذي ينبغي هو عمل الوليمة ودعوة الناس إليها في غير المسجد، ولاسيما إذا لم يأمن على نظافته، لأن لأهل العلم خلافا وتفصيلا في جواز الأكل في المسجد، فيرى الحنابلة أنه لا بأس بالأكل فيه، قال في كشاف القتاع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: (و) لا بأس (بالأكل فيه) أي: في المسجد للمعتكف وغيره لقول عبد الله بن الحارث {كنا نأكل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الخبز واللحم} رواه ابن ماجه.انتهى. وقال في مطالب أولي النهى:
لا بأس بالاجتماع في المسجد، والأكل فيه. انتهى
وكذلك الشافعية قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: لا بأس بالأكل والشرب في المسجد، ووضع المائدة فيه. انتهى
ويفرق المالكية بين الأكل الخفيف الجاف وغيره، فيجوز عندهم في المسجد أكل ما خف وجف مثل التمر ونحوه، ولا يجوز غير ذلك إلا في حال الضرورة، قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ: وأما الأكل في المسجد ففي المبسوط كان مالك يكره أكل الأطعمة اللحم ونحوه في المسجد، زاد ابن القاسم في العتبية: أو رحابه، وأما الصائم يأتيه من داره السويق وما أشبه ذلك، قال ابن القاسم: أو الطعام الخفيف فلا بأس به. انتهى.
وفي التاج والإكليل لمختصر خليل: قال ابن القاسم: ولم ير مالك بأسا بأكل الرطب التي تجعل في المساجد. ابن رشد: في هذا ما يدل على أن الغرباء الذين لا يجدون مأوى يجوز لهم أن يأووا إلى المساجد ويبيتوا فيها ويأكلوا فيها ما أشبه التمر من الطعام الجاف، وقد خفف مالك أيضا للضيفان المبيت والأكل في مساجد القرى، بمعنى أن الباني لها للصلاة فيها يعلم أن الضيفان يبيتون فيها لضرورتهم إلى ذلك، فصار كأنه قد بناها لذلك وإن كان أصل بنائه لها إنما هو للصلاة فيها؛ لا لما سوى ذلك من مبيت الضيفان. انتهى
والله أعلم