السؤال
هل يجوز دفع جزء من مؤخر الصداق للزوجة في أمور غير ملزم بها للزوج في الإنفاق عليها فيها؟
هل يجوز دفع جزء من مؤخر الصداق للزوجة في أمور غير ملزم بها للزوج في الإنفاق عليها فيها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على الزوج أن يحسب ما يدفعه لزوجته زائدا عن نفقتها الواجبة، من صداقها المؤخر، وينبغي أن يخبر الزوجة بذلك قطعا للخلاف، فإن لم يخبرها واختلفا فقالت هو هبة وتبرع، وقال بل هو من الصداق فإن كان اختلافهما في نيته كأن قالت: قصدت الهبة. وقال: قصدت دفع الصداق. فالقول قول الزوج بلا يمين، لأنه أعلم بما نواه، ولا تطلع المرأة على نيته، وإن اختلفا في لفظه، فقالت: قد قلت خذي هذا هبة أو هدية، فأنكر ذلك، فالقول قوله مع يمينه، هذا فيما إذا كان ما يدفعه لها من جنس صداقها أي فلوسا إذا كان الصداق فلوسا، أو ذهبا إذا كان الصداق ذهبا وهكذا، أما إذا كان ما يدفعه لها من غير جنس صداقها كأن يكون الصداق فلوسا ودفع لها ذهبا وثيابا ونحو ذلك ثم اختلفا، وحلف أنه دفع إليها ذلك من صداقها، فللمرأة رد ما أعطاها، ومطالبته بصداقها.
أما إذا ادعى أنه من صداقها وادعت هي أنه قال هو هبة، فينبغي أن يحلف كل واحد منهما، ويتراجعان بما لكل واحد منهما، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فصل: فإن دفع إليها ألفا ثم اختلفا، فقال: دفعتها إليك صداقا، وقالت: بل هبة فإن كان اختلافهما في نيته كأن قالت: قصدت الهبة، وقال: قصدت دفع الصداق، فالقول قول الزوج بلا يمين، لأنه أعلم بما نواه، ولا تطلع المرأة على نيته، وإن اختلفا في لفظه، فقالت: قد قلت خذي هذا هبة أو هدية، فأنكر ذلك، فالقول قوله مع يمينه، لأنها تدعي عقدا على ملكه، وهو ينكره، فأشبه ما لو ادعت عليه بيع ملكه لها، لكن إن كان المدفوع من غير جنس الواجب عليه، كأن أصدقها دراهم، فدفع إليها عوضا، ثم اختلفا، وحلف أنه دفع إليها ذلك من صداقها، فللمرأة رد العرض ومطالبته بصداقها.
قال أحمد في رواية الفضل بن زياد، في رجل تزوج امرأة على صداق ألف، فبعث إليها بقيمته متاعا وثيابا، ولم يخبرها أنه من الصداق، فلما دخل سألته الصداق، فقال لها: قد بعثت إليك بهذا المتاع، واحتسبته من الصداق، فقالت المرأة: صداقي دراهم، ترد الثياب والمتاع، وترجع عليه بصداقها، فهذه الرواية إذا لم يخبرهم أنه صداق، فأما إذا ادعى أنها احتسبت به من الصداق، وادعت هي أنه قال: هو هبة، فينبغي أن يحلف كل واحد منهما، ويتراجعان بما لكل واحد منهما، وحكي عن مالك أنه قال إن كان مما جرت العادة بهديته، كالثوب والخاتم، فالقول قولها، لأن الظاهر معها، وإلا فالقول قوله، ولنا أنهما اختلفا في صفة انتقال ملكه إلى يدها، فكان القول قول المالك، كما لو قال: أودعتك هذه العين. قالت: بل وهبتها. انتهى.
وقال في نهاية المحتاج من كتب الشافعية: لو اختلف الزوجان فقالت قد قصدت التبرع فقال بل قصدت كونه عن النفقة صدق بيمينه كما لو دفع لها شيئا ثم ادعى كونه من المهر وادعت هي الهدية. انتهى.
فالحاصل: أن للزوج أن يحسب ما يدفعه للزوجة غير ما يجب عليه من نفقة وكسوة ونحو ذلك دينا عليها يخصم من قيمة مؤخر صداقها أو يتقاصان فيه.
والله أعلم.