مذاهب العلماء في أكل الذبيحة التي قطع رأسها

0 270

السؤال

أنا طالب أدرس في أمريكا وأريد أن أسأل عن موضوع ذبائح أهل الكتاب.
أولا، هل الشائع عن النصاري في أمريكا وبخاصة في المصانع التي تنتج اللحوم أنهم يذبحون؟ ثانيا، سمعت أنهم يقطعون كامل الرأس، فهل هذا يبقي ذبيحتهم على حلها؟ أعني أنه بهذه الطريقة لا يتحقق خروج كامل الدم من بدن الذبيحة بخلاف الذبح على الطريقة الإسلامية الذي يبقي على النخاع الشوكي متصلا إلى أن يسيل كامل دم الذبيحة.
وأخيرا، أنا أسأل عما سبق لأن ذلك يسهل علي كثيرا من الأمور، فهل يجب علي أن أتحرى عن كل ما سبق أم يكفيني أن آخذ بما هو شائع من كون النصارى في أمريكا يذبحون وبالتالي فإن ذبائحهم تحل لي مع العلم أن هذا هو الذي يعمل به أغلب من التقيت من إخواني المسلمين هنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما سؤالك الأول وهو ما إذا كان الشائع عن النصارى في أمريكا وبخاصة في المصانع التي تنتج اللحوم أنهم يذبحون، فجوابه أن مثل هذا السؤال يطرح على سكان أمريكا الذين يمكنهم معاينة ما إذا كان النصارى هناك يذبحون أو لا يذبحون، أو يطرح على وسائل الإعلام التي تهتم بالشائعات.

وعن سؤالك الثاني فإن من آداب الذبح عدم المبالغة في القطع حتى يبلغ الذابح النخاع أو يبين رأس الذبيحة حال ذبحها، وكذا بعد الذبح قبل أن تبرد، وكذا سلخها قبل أن تبرد لما في كل ذلك من زيادة إيلام لا حاجة إليها.

ومع ذلك فلو بالغ الذابح حتى وصل إلى النخاع أو أبان الرأس فإن الذبيحة تؤكل في المشهور من أقوال أهل العلم. جاء في المغني لابن قدامة: مسألة; قال: (ولا يقطع عضو مما ذكي حتى تزهق نفسه) كره ذلك أهل العلم منهم عطاء وعمرو بن دينار ومالك والشافعي ولا نعلم لهم مخالفا. وقد قال عمر رضي الله عنه: لا تعجلوا الأنفس حتى تزهق. فإن قطع عضو قبل زهوق النفس وبعد الذبح فالظاهر إباحته; فإن أحمد سئل عن رجل ذبح دجاجة فأبان رأسها، قال: يأكلها. قيل له: والذي بان منها أيضا؟ قال: نعم.

قال البخاري: قال ابن عمر وابن عباس: إذا قطع الرأس، فلا بأس به، وبه قال عطاء والحسن والنخعي والشعبي والزهري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي.

وقيل بعدم إباحة الأكل إن تعمد الإبانة أولا. قال الشيخ خليل بن إسحاق -رحمه الله تعالى- يعد مكروهات الذكاة: وتعمد إبانة رأس، وتؤولت أيضا على عدم الأكل إن قصده أولا...

وعن سؤالك الأخير، فليس من شك في أن الاقتصار على اللحم الذي ذبحه المسلمون أسلم وأحوط ولاسيما إن كان في قلبك شيء من اللحوم الأخرى، لما في الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي والنسائي وأحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والأرناؤوط والألباني، ولما في حديث وابصة في المسند بسند حسن كما قال المنذري ووافقه الألباني: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر.

 وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما معلقا: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر.

 ولا شك أن ما ذكاه أهل الكتاب بالطريقة الشرعية جائز بشرط أن لا يهل به لغير الله؛ كما تفيده آية المائدة: اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {المائدة: 5}.

وأما أن يكتفي المسلم بالأخذ بما هو شائع من كون النصارى في أمريكا يذبحون، وهو قادر على أن يتأكد من صحة ذلك أو بطلانه، أو أنه غير قادر على التأكد ولكنه غير مضطر إلى الأكل من لحومهم، فذلك ما لا نراه سائغا، وراجع الجواب: 2437.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة