السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد يا شيخ أن توضح لي مسألة في الطهارة وهي الرطوبة والإفرازات التي تعاني منها النساء فأنا كنت أصلي بها لأني لم أتفقه قي ديني وعندما من الله علي بالهداية والحمد لله سمعت من إحدى الواعظات أنها ناقضة للوضوء وأصبحت أتوضأ لكل وقت ولكن واجهت صعوبة لأني كنت أعمل وأحيانا أضطر للوضوء لكل فرض لأي سبب فكل مسلم قد تمر عليه ظروف يتوضأ فيها قبل دخول الوقت مثل السفر والأم قد تستغل فرصة للوضوء إذا كان طفلها نائما مثلا ..إلخ وبعد أن واجهت المشقة سألت واستفسرت وتفاجأت أن هناك رأيا يقول بعدم نقضها للوضوء وأصبحت أميل لهذا الرأي لأنه أسهل وأيسر، وبعد اطلاعي على الرأيين أريد أن توضح لي ما يلي:-
1- هل علي إثم إن اتبعت الرأي الأسهل أم أن هذا من تتبع الرخص واتباع الهوى ؟
2-كيف أفرق بين الإفرازات التي تخرج من المثانة ومن التي تخرج من الرحم ؟
3-لماذا الوضوء منها لصلاة الضحى وقيام الليل ؟
4-وطالما أنه لم يرد حيث صحيح وصريح في ذلك لماذا قال الرأي الآخر بنقضها للوضوء؟؟ ولماذا لم يبينها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين لنا أحكام الاستحاضة وغيرها من الأحكام ؟؟؟؟
5-لماذا لم تذكر في كتب الفقه ؟؟ فبحثت عنها في عدة كتب ولم أجد شيئا .
أرجو أن لا أكون أطلت عليك يا شيخ، ولكن هذه مسألة صلاة وأنا أحب أن أؤديها بحقها.
وجزاك الله عنا كل خير .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 51282، بيان الحالة التي تكون فيها الإفرازات التي تراها النساء ناقضة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 51282، والفتوى رقم: 60613، خلاف العلماء في الحكم عليها من حيث الطهارة من عدمها مع بيان التفصيل والراجح من ذلك، إضافة إلى بيان ما يجب في حال استمرار خروجها، فالرجاء مراجعتهما ليتضح للسائلة الكثير مما يتعلق بأحكام هذه المسألة، ثم إن خروج هذه الإفرازات من المهبل إلى ظاهر الفرج يعتبر عند الجمهور بمثابة البول والمذي في كونه ناقضا للوضوء بغض النظر عن طهارتها من عدمها، وقد أوضحنا دليل الجمهور على ذلك في الفتوى رقم: 125169، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: أما حكم المسألة فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء، سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد، ولا فرق في خروج الريح بين قبل المرأة والرجل ودبرهما. نص عليه الشافعي رحمه الله في الأم، واتفق عليه الأصحاب .،،، إلى أن قال فرع : في مذاهب العلماء في الخارج من السبيلين قد سبق أن مذهبنا أن الخارج من أحد السبيلين ينقض، سواء كان نادرا أو معتادا وبه قال الجمهور انتهى.
أما إذا رأت السائلة أن تتبع القول القائل بعدم نقض الوضوء بهذه الإفرازات وهو قول ابن حزم فالظاهر أنه لا مانع من ذلك شرعا، لاتفاق العلماء على أن للمسلم العامي أن يقلد من شاء من العلماء، قال في التقرير والتحبير: قال القرافي انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير حجر، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم أن من استفتى أبا بكر أو عمر أو قلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما ويعمل بقولهما من غير نكير، فمن ادعى دفع هذين الإجماعين فعليه الدليل انتهى.
وقال في الآداب الشرعية: وأما إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ فلا ينكر على من عمل بها مجتهدا أو مقلدا انتهى.
وعلى قول ابن حزم لا تطالب بقضاء، لكن الذي ننصحها به هو أن تأخذ بالأحوط لدينها وهو قول الجمهور فإن الأمر يتعلق ببطلان الصلاة وهو أمر ليس بالهين،وإذا اتبعت رأي الجمهور فلتعتبر هذه الإفرازات التي تخرج بالفعل من نواقض الوضوء ولكن لا يجب منها الوضوء لكل صلاة ما لم تخرج، فمثلا لو توضأت قبل الوقت ثم دخل الوقت فلها أن تصلي بذلك الوضوء ما شاءت إلا إذا حصل ناقض بين الوضوء والصلاة سواء كان ذلك الناقض خروج الرطوبة أو غيرها من نواقض الوضوء، هذا في حال عدم استمرارها بحيث تصير سلسا، أما في هذه الحالة فقد تقدم لنا في الكثير من الفتاوى أن صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة بعد د خول وقتها، فإذا توضأ قبل دخول الوقت لم يصح وضوؤه ولا صلاته إن خرج منه شيء إلا على قول المالكية في هذه المسألة الأخيرة، وهي مسألة صاحب السلس لأن وضوءه عندهم مثل وضوء غيره فلا يتقيد بالوقت، ويصح قبل دخول الوقت وبإمكان من يجد مشقة في الوضوء لكل صلاة في حالة السلس أن يأخذ بهذا القول مع أن الاحتياط للصلاة هو ما تقدم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 70228، والفتوى رقم: 75673.
أما عن السؤال الثاني فلا علم لنا بجوابه، وليرجع فيه إلى المختصين من الطبيبات ونحوهن، وعن السؤال الثالث فإن الوضوء شرط لكل صلاة سواء كانت نافلة أو فرضا، ولا فرق بين صلاة الضحى ولا غيرها في اشتراط الطهارة.
وبالنسبة للسؤال الرابع فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على حكم هذه المسألة لما اختلف فيها، وحيث لم يرد دليل ينص على حكم المسألة المذكورة فقد قاسها الجمهور على البول والمذي واعتبروها من نواقض الوضوء، وتمسك صاحب القول الآخر بعدم وجود دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع يدل على أنها من نواقض الوضوء ولم يعتبر القياس دليلا.
وعن السؤال الخامس فإن الرطوبة والإفرازات لا ذكر لها بعينها في باب نواقض الوضوء لكنها داخلة في عموم قول الفقهاء ينتقض الوضوء بكل خارج من السبيلين كما هو مذكور في كتب فقه المذاهب الأربعة، ما عدا بعض الأشياء التي لا يعتبرها بعضهم من نواقض الوضوء مع أنها من الخارج من السبيلين وذلك مثل الحصا والدود إذا خرجا من السبيلين، وانظري الفتوى رقم: 1795.
والله أعلم