السؤال
أنا امرأة متزوجة ولدي ستة أولاد وأعيش مع زوجي في بلاد الغرب وكلما طلبت من زوجي السماح لي بالعودة إلى بلدي (الجزائر). احتج بعدم إمكانية الاستقرار في الجزائر وعدم توفر السكن. وقد سبق لي أن طلبت من أمي إن كانت موافقة على عيشي عندها مع أولادي فوافقت، وفي المقابل زوجي يأمرني بالبقاء معه حتى يجمع المال الكافي لشراء مسكن . وإنني متيقنة أن الله لن يضيعني إن اخترت الهجرة من بلاد الكفر. إنني في حيرة من أمري، و أخشى إن تصرفت بما يرضي ضميري وهوالهجرة؛ أن أتسبب في ضياع أولادي .فماذا أفعل؟ هل أبقى معه وأخاطر بأولادي أم أتوكل على الله و أفر بديني؟ .فهل أجد لديكم ما يدفعني للمضي قدما مطمئنة القلب دون خوف أو تردد؟ .أسأل الله ذلك و السلام عليكم و رحمة الله . أختكم في الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة المرأة زوجها في المعروف واجبة، ومن المعروف ألا يأمرها بمعصية الله، ووعد الله جل وعلا المرأة على هذه الطاعة والصبر عليها بالأجر الجزيل. فقد قال صلى الله عليه وسلم: " إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت". رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: " خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك". ثم قرأ صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ( الرجال قوامون على النساء…) [النساء:34] رواه الطبري وأبو حاتم. ولاشك أن المرأة لا يجوز لها أن تطاوع زوجها على الإقامة الدائمة في
بلاد الكفر من غير ضرورة ملجئة، لأنها معصية عظيمة فقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم" رواه أبو داود والترمذي والنسائي والطبراني. وقال صلى الله عليه وسلم: " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: " لا ترايا ناراهما" رواه أبو داود والترمذي. فإذا كان زوجك لا يعارض الرجوع إلى بلدكم، ولكن يريد أن يهيئ الظروف المناسبة لذلك، فإن طاعتك له في الانتظار لا تعد من باب المعصية، بشرط أن لا تطول مدة الانتظار بحيث يفتن الأولاد، فإن كانت فتنة الأولاد وشيكة وقد ظهرت علاماتها بتأثرهم بمساكنة الكفار، فالواجب هو الخروج بهم فورا إلى ديار المسلمين. وحاولي إقناع زوجك بذلك، ولتضعوا حدا وزمنا معينا لا تتجاوزنه. وإذا كانت ظروف بلادكم لا تناسب، فابحثوا عن مكان آخر أقل فتنة حتى تتدبروا أمركم. وإذا كان زوجك صالحا مستقيما فخذي الأمر معه برفق، وتفهمي ظروفه، فإن طال الأمر، وغلب على الظن الافتتان أو الخروج، فإن أصر على البقاء فالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أولى بالطاعة. فرتبي لنفسك وأولادك أمر الهجرة من تلك البلاد متوكلة على الله، والله لا يضيع من توكل عليه.
والله أعلم.