السؤال
حرم الإسلام الدم المسفوح على بني آدم، وعند مطالعتك لبعض الكتب تجدها تقول إن الرسول-صلى الله عليه وسلم- لما احتجم أمر ابن الزبير أن يواري دم حجامته فإذا بابن الزبير يشرب دمه ولما سأله الرسول –صلى الله عليه وسلم- ماذا فعلت به (الدم)؟ قال : وضعته في مكان لا تصل إليه يد أحد . ففهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- ذلك ولم يعنفه قائلا : والله لن تمس جسدك النار. الآن كيف نوفق بين هذا الفعل وبين تحريم الدم أصلا؟ بارك الله فيكم ونفع بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقصة شرب ابن الزبير رضي الله عنه دم النبي صلى الله عليه وسلم ثابتة كما بيناه في الفتوى رقم: 3034.
والجمع بينها وبين القول بتحريم شرب الدم أن جواز شرب الدم خاص بدم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز شرب دم غيره.
ولذا عد العلماء هذا الأمر خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر زكريا الأنصاري الشافعي رحمه الله أن من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستشفى بشرب دمه صلى الله عليه وسلم وبوله، واستدل على ذلك بالأحاديث التي ذكرناها في الفتوى المشار إليها آنفا، ثم قال: قال شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر: وكان السر في ذلك ما صنعه الملكان من غسلهما جوفه... اهـ.
وهذا إشارة إلى قصة شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وغسل الملكين لجوفه لما كان مسترضعا في بني سعد وانظر لها الفتوى رقم: 7714.
ويمكن أن يقال أيضا إن شرب ابن الزبير للدم لم يكن بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ولو علم قبل ذلك لنهاه، ومما يدل عليه أنه في رواية الحاكم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ومن أمرك أن تشرب الدم؟، وعند أبي نعيم في معرفة الصحابة أن أبا هند الحجام حجم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ شرب دمه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا سالم أما علمت أن الدم حرام لا تعد. اهـ. قال الحافظ في التلخيص: وفي إسناده أبو الجحاف وفيه مقال.
والله أعلم.