السؤال
ما حكم الشرع في رجل تزوج امرأة طلقها زوجها وهي حامل في الأشهر الأولى ، ثم تزوجها رجل آخر قبل الولادة وولدت وهي على ذمته. هل يجب على الرجل الآخر أن يعيد عقد الزواج مرة أخرى ، أم يعتبر العقد الأول صحيحا شرعا. بعض الصالحين الذين شهدوا على الزواج اقترحوا عليه أن يعيد عقد الزواج مرة أخرى لعدم علمهم بحمل المرأة من الرجل الأول ، ولكنه رفض.أفيدونا في هذا الموضوع علما بأن كلا الرجلين قد ماتا، وأن المرأة قد أنجبت العديد من الأبناء للرجل الآخر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعدة الحامل المطلقة تمتد حتى تضع حملها باتفاق الفقهاء، لقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) [الطلاق: 4].
ويحرم على الغير نكاحها قبل وضع حملها باتفاق الفقهاء أيضا لما رواه أبو داود من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" يعني إتيان الحبالى.
ولأن الحامل لا تنتهي عدتها إلا بوضع حملها، ونكاح المرأة أثناء عدتها محرم بالإجماع، لقوله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) [البقرة: 235] أي ما كتب الله عليهن من التربص، فلا يجوز نكاح المعتدة قبل انقضاء عدتها.
لأن من شروط صحة الزواج بالمرأة خلوها من الموانع كالعدة ونحوها، وهذا من الأنكحة المجمع على فسادها، وهو نكاح باطل يجب فسخه، والتفريق بينهما، والاستمرار على المعاشرة استنادا لهذا العقد يعتبر استمرارا في الزنى، فيجب به الحد إذا علم الزوجان الحكم. هذا بالنسبة لحكم المعاشرة، وعليه ينبني نسب الأبناء، فما أنجبه منهم بعد علمه بالحكم، فهو ابن زنى لا نسب بينه وبينه، ولا إرث، وما أنجبه قبل معرفة الحكم فهو ابنه ينسب إليه ويتوارثان.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا تزوج معتدة، وهما عالمان بالعدة، وتحريم النكاح فيها، ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنا، ولا مهر لهما، ولا يلحقه النسب، وإن كانا جاهلين بالعدة، أو بالتحريم ثبت النسب وانتفى الحد، ووجب المهر، وإن علم هو دونها، فعليه الحد والمهر، ولا نسب له، وإن علمت هي دونه فعليها الحد، ولا مهر لها، والنسب لاحق به، وإنما كان كذلك لأن هذا نكاح متفق على بطلانه، فأشبه نكاح ذوات محارمه. انتهى.
والله أعلم.