السؤال
منذ حوالي 14 سنة وزوجي معتاد على السهر مع أصدقائه كل ليلة حتى منتصف الليل لا يمنعه برد ولا حر . لا لمناقشة أمر حيوي ولا لفائدة دينية أو دنيوية وإنما من أجل إضاعة الوقت ولعب (الشدة ) فقط ! ولم أترك وسيلة ولا طريقة لمنعه من الذهاب من وقتها إلى الآن دون فائدة ولست وحدي في ذلك فزوجات أصدقائه من معارفي وحاولن مثلي أيضا ولكن دون فائدة ، وقد وصلت أمورنا أكثر من مرة إلى الطلاق بسبب هذا الموضوع .أولادنا أصبحوا شبابا الآن وهو غافل عنهم وقد أصبح جدا ولكن هذه العادة الخبيثة ما زالت تلازمه .أريد أن أعرف ما حكم هذه السهرات في الشرع فلعل زوجي إن علم بكراهتها أو حرمتها عن طريق فتوى أن يمتنع عنها خصوصا أنه ورفاقه متدينون ويحافظون على صلاتهم ومعروفون بأخلاقهم الحسنة ولا ينقصهم إلا الإقلاع عن هذه العادة السيئة.بصراحة لقد تعبت من كوني أبا وأما فهو نهارا في عمله وليلا في سهره فماذا أفعل ؟؟؟؟؟ملاحظة :هم يمتنعون عن السهر في شهر رمضان فقط .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسهر بعد صلاة العشاء مكروه عند أهل العلم، لما أخرجه البخاري عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها. وذكر أهل العلم أن سبب كراهة الحديث بعد صلاة العشاء أنه يؤدي غالبا إلى سهر تفوت به صلاة الصبح، أو لئلا يقع في كلام المرء لغو يختم به يومه، أو لأنه يفوت به قيام الليل لمن له به عادة، ولتقع الصلاة التي هي أفضل الأعمال خاتمة عمله.
وأما ما ذكرت أن زوجك وأصدقاءه مدمنون عليه من لعب (الشدة)، فإن العلماء لم يختلفوا في تحريم ذلك إذا كان بقمار؛ لأن اللعب بالقمار هو الميسر الذي جاء تحريمه في صريح كتاب رب العالمين حيث قال:
يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون {المائدة:90} .
وإذا حمل ذلك اللعب على حرام كترك الصلاة وتأخيرها عن وقتها أو اختلاط النساء بالرجال أو تضييع شيء من الحقوق الواجبة ونحو ذلك فإنه يكون محرما أيضا بلا خلاف.
وإذا لم يختلط بحرام ولم يحمل على الحرام فإنه يكون من خوارم المروءة وخاصة إذا أكثر الرجل منه، وقال كثير من أهل العلم بحرمته أيضا، لما صح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه. رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وقوله صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وحسنه الألباني.
وقال ابن قدامة في المغني: وكان سعيد بن جبير إذا مر على أصحاب النردشير لم يسلم عليهم.
إذا ثبت هذا.. فمن تكرر منه اللعب به لم تقبل شهادته سواء لعب به قمارا أو غير قمار. وهذا قول أبي حنيفة ومالك وظاهر مذهب الشافعي. قال مالك: من لعب بالنرد والشطرنج فلا أرى شهادته طائلة; لأن الله تعالى قال: فماذا بعد الحق إلا الضلال ، وهذا ليس من الحق فيكون من الضلال. اهـ
وما قيل في النرد يقال مثله في جميع الألعاب التي لا يراد منها نفع دنيوي أو ديني.
وذلك لما هو مقرر من وجوب حفظ الوقت، والحرص على أن لا يفوت فيما لا نفع فيه؛ لأن الوقت من أغلى ما أنعم الله به على الإنسان، وهو أول ما يسأل عنه يوم القيامة، كما في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم. وقال صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ رواه البخاري.
ونستخلص من جميع ما ذكر أن ما يقوم به زوجك وأصدقاؤه من السهر واللعب غير مباح لما هو مشتمل عليه من تضييع حقوق أهليهم، وتضييع أوقاتهم فيما لا نفع فيه. ولما قد يؤدي إليه من الأمور الأخرى التي هم أدرى بها.
والله أعلم.