جواب شبهة حول قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي)

0 472

السؤال

يقول الله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي) يقول المكذبون أن النار حية وهي تخمد بالماء فكيف ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف في معنى الآية هل المراد بها الكائنات الحية المتحركة لقوله تعالى: والله خلق كل دابة من ماء {النور: من الآية45} قال أبو العالية: يعني النطفة، أو يدخل فيه الأشجار كما قال تعالى: ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود * ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء {فاطر:27-28}  وقال تعالى: وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا {الأنعام: 99}  وقال: الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم {إبراهيم: 32}.

فالحيوانات والطيور لها أرواح إذا فارقتها بالموت أصبحت جثثا هامدة، والنبات والأشجار لها نوع من الحياة لا يسمى روحا وإنما يسمى حياة تسري في أجزائه بالماء إذا فارقه ذبل وسقط.

قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن بطال معنى قوله وجعلنا من الماء كل شيء حي أراد الحيوان الذي يعيش بالماء، وقيل أراد بالماء النطفة، ومن قرأ وجعلنا من الماء كل شيء حيا دخل فيه الجماد أيضا لأن حياتها هو خضرتها وهي لا تكون إلا بالماء، قلت وهذا المعنى أيضا يخرج من القراءة المشهورة ويخرج من تفسير قتادة حيث قال كل شيء حي فمن الماء خلق أخرجه الطبري عنه، وروى ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن المراد بالماء النطفة، وروى أحمد من طريق أبي ميمونة عن أبي هريرة قلت يا رسول الله أخبرني عن كل شيء قال كل شيء خلق من الماء إسناده صحيح، قوله أجاجا منصبا هو في رواية المستملي وحده وهو تفسير ابن عباس ومجاهد وقتادة أخرجه الطبري عنهم. اهـ

وقال البيضاوي في التفسير: وجعلنا، [ وخلقنا ] من الماء كل شيء حي، أي: وأحيينا بالماء الذي ينزل من السماء كل شيء حي أي من الحيوان ويدخل فيه النبات والشجر، يعني أنه سبب لحياة كل شيء والمفسرون يقولون: [ يعني ] أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء. كقوله تعالى: والله خلق كل دابة من ماء {النور: 45}، قال أبو العالية: يعني النطفة، فإن قيل: قد خلق الله بعض ما هو حي من غير الماء ؟ قيل: هذا على وجه التكثير، يعني أن أكثر الأحياء في الأرض مخلوقة من الماء أو بقاؤه بالماء....اهـ

وقال الأستاذ سيد قطب في الظلال عند تفسير قوله تعالى: وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم {إبراهيم: 32}.

قال: وذكر إنزال الماء من السماء وإخراج الثمرات به، ما يفتأ يتردد في مواضع شتى من القرآن في معرض التذكير بقدرة الله، والتذكير بنعمته كذلك.. والماء النازل من السماء هو مادة الحياة الرئيسية للأحياء في الأرض جميعا. فمنه تنشأ الحياة بكل أشكالها ودرجاتها وجعلنا من الماء كل شيء حي {الأنبياء: 30}.. سواء أنبت الزرع مباشرة حين يختلط بالأرض، أو كون الأنهار والبحيرات العذبة، أو انساح في طبقات الأرض فتألفت منه المياه الجوفية، التي تتفجر عيونا أو تحفر آبارا، أو تجذب بالآلات إلى السطح مرة أخرى. وقصة الماء في الأرض، ودوره في حياة الناس، وتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها.. كل هذا أمر لا يقبل المماحكة، فتكفي الإشارة إليه، والتذكير به، في معرض الدعوة إلى عبادة الخالق الرازق الوهاب.اهـ

والنار على اعتبار العموم يمكن إدخالها فيما كان أصله الماء ويدل له قول الله تعالى: الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون{يس:80}

والواقع الآن يشهد باستخراج كثير من المحروقات من الماء كالبترول والغاز وغيرهما، وكون الماء أصلا للنار وهو يخمدها ويميتها لا غرابة فيه فالإنسان مخلوق من الماء والماء يغرقه ويهلكه.

وعلى المسلم أن يستيقن بأن دين الله الإسلام هو الدين الحق الذي لا يقبل الله غيره، وأن جميع ما ثبت في الوحي هو الحق الذي لا محيد عنه.

وعلى المسلم ألا يبقى دائما في موقف دفاع شبه أهل الضلال بل يتعين عليه السعي في هدايتهم ودعوتهم للتوحيد ومهاجمتهم بما عندهم من الباطل، فليكن المسلم جسورا في الحوار معهم ومهاجما لهم، وليدع الله لهم بالهدى وليحرص على المواصلة في دعوتهم، قال الله تعالى: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين {فصلت:33}، وقال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي بك الله رجلا واحدا خير لك من حمر النعم متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، رواه مسلم.

والله أعلم.  

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات