صور من زهد النبي صلى الله عليه وسلم

0 554

السؤال

الزهد في حقيقته هو الإعراض عن الشيء .. ولا يطلق هذا الوصف إلا على من تيسر له أمر من الأمور فأعرض عنه زهدا فيه . وأما ما من لم يتيسر له ذلك فلا يقال إنه زهد فيه .. وقال مالك بن دينار عن نفسه : الناس يقولون مالك زاهد . إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز . أي إنه هو الزاهد في الحقيقة .. فان الدنيا كانت بين يديه فلم يلتفت إليها .. وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا . وأقلهم رغبة فيها. مكتفيا منها بالبلاغ . راضيا فيها بحياة الشظف . متمثلا قول ربه عز وجل ( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ) . مع أنه أكرم الخلق على الله . ولو شاء لأجرى له الجبال ذهبا وفضة .
أريد ثلاثا من تلك الصور في حياته صلى الله عليه وسلم
وجزاكم الله خيرا إن شاء الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر النووي في الرياض، والمنذري في الترغيب كثيرا من زهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكثيرا من ترغيبه في الزهد، فمن ذلك حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة بالمدينة فاستقبلنا أحد فقال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، فقال: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا تمضي علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا شيء أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، ثم سار فقال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة؛ إلا من قال بالمال هكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه، وقليل ماهم. متفق عليه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه أدما حشوه ليف، وفي رواية: كان وساد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتكئ عليه من أدم حشوه ليف. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

 وعنها رضي الله عنها قالت: دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة مثنية، فبعثت إلي بفراش حشوه الصوف، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: قلت: يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت فرأت فراشك فذهبت فبعثت إلي بهذا، فقال: رديه يا عائشة،  فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة. رواه البيهقي من رواية عباد بن عباد المهلبي عن مجالد بن سعيد.

 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء، فقال: مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أخرجت لنا عائشة رضي الله عنها كساء ملبدا وإزارا غليظا، قالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين. رواه البخاري ومسلم.

وعن عمر بن الحارث أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما قال: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا؛ إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة. رواه البخاري.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض متفق عليه. وفي رواية: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام البر ثلاث ليال تباعا حتى قبض.

وعن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه مر بقوم بين أيديهم شاة مصلية فدعوه فأبى أن يأكل، وقال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير. رواه البخاري.

وعن أنس رضي الله عنه قال: لم يأكل النبي صلى الله عليه وسلم على خوان حتى مات، وما أكل خبزا مرققا حتى مات. رواه البخاري، وفي رواية له: ولا رأى شاة سميطا بعينه قط .

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: ألستم في طعام وشراب ما شئتم! لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه.  رواه مسلم.

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء، فقال: ما لي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها. رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير، قال: فجلست فإذا عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع وقرظ في ناحية في الغرفة، وإذا إهاب معلق، فابتدرت عيناي، فقال: ما يبكيك يا ابن الخطاب، فقال: يا نبي الله وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى! وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار، وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزانتك، قال: يا ابن الخطاب؛ أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟ قلت: بلى .  رواه ابن ماجه بإسناد صحيح والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.  ولفظه: قال عمر رضي الله عنه: استأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه في مشربة وإنه لمضطجع على خصفة إن بعضه لعلى التراب وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا وإن فوق رأسه لإهابا عطنا وفي ناحية المشربة قرظ، فسلمت عليه فجلست، فقلت: أنت نبي الله وصفوته وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير، فقال: أولئك عجلت لهم طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع، وإنا قوم أخرت لنا طيباتنا في آخرتنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة