السؤال
في البلاد التي أعيش فيها هنالك قوميون وبعض أئمة السلطة المضلين، دائما يهاجمون الإسلام والعرب بقولهم إنه لاتجوز الخلافة إلا بعربي قرشي ويقولون بأنه دين عنصري لأنه لا يجيز زواج العربية إلا من عربي ويستشهدون بقول الشافعية في التكافؤ, وأيضا يقولون إن العرب والإسلاميين لا يقبلون أن يكون للأكراد وطن مستقل ولم يساند العرب والمسلمون هذا الشعب المظلوم عندما ضربهم البعثيون القوميون بالأسلحة الكيمياوية ودفنوهم أحياء في مقابر جماعية, أرجوا أن تبينوا لي موقف الشرع من هذه ألأمور الثلاثة ؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإسلام دين الله الذي ارتضاه للبشر ولا يحق لأي عاقل إلا أن يرضى به دينا ويستسلم لحكمه ويخالف غيره ويكفر به، فقد قال الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا {المائدة: 3 } وفي الحديث: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا . رواه مسلم .
وأما فضل العرب وفضل قريش وأحقية القرشيين بالخلافة إن وجد منهم كفؤ أهل لها فهو حق، ويشهد له كثير من الأدلة وقد بينا ذلك بالتفصيل، كما بينا جواز نقل الخلافة إلى غيرهم إن لم يوجد منهم من هو أهل لها ، وليراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها : 40070 ، 66916 ، 47559 ، 26262 ، 26062 ، 8696 .
وأما الزواج من غير العربي فهو جائز على الراجح، ويدل له عمل الصحابة، فقد تزوج بلال بن رباح وهو حبشي أخت عبد الرحمن بن عوف وهي قرشية، وتزوج سلمان الفارسي في بني كندة، وقد ورد حديث ضعيف في اعتبار الكفاءة بالنسب رواه البيهقي بلفظ : العرب للعرب أكفاء والموالي أكفاء للموالي . وقد ضعفه البيهقي وقال إنه منقطع، وقال ابن عبد البر إنه منكر أوموضوع، وقد جزم الألباني بوضعه .
وأما الظلم لأي شعب مسلم فإنه لايقره الإسلام ولا يقبله، بل إن الإسلام يحض على نصر المظلوم وعونه والدفع عنه والأخذ على يد الظالم، ففي الحديث: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه. رواه الترمذي وصححه ، وفي حديث البخاري: انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما، قال: تأخذ على يديه . وفي الحديث: ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطن يجب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته . رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني .
والدارس لتاريخ الإسلام يجد أن الأكراد كانوا محل اعتبار عند علماء المسلمين، وقد خدموا الإسلام وقام أئمتهم بالجهاد وشهد لهم العلماء بتلك القيادة والفضيلة، فهذا ابن كثير وهو قرشي النسب يثني على نور الدين زنكي وأثنى كذلك عليه الذهبي، كما أثنى على صلاح الدين ونوه بجهاده للنصارى في الشام وبإزالته دولة المبتدعة في مصر، وأما ما حصل لهم أخيرا فهو من نتائج الاتفاقيات بين الكفار فإنهم لحقدهم على الأكراد وتذكرهم حربهم للصلبيين في الشام ومصر لم يفسحوا المجال في اتفاقيات سايكس بيكو وما بعدها للأكراد في إقامة وطن لهم فجعلوهم مقسمين بين أربع دول، ولم يكن الإسلام ولا المتمسكون به مقرين لما حصل ولا قابلين له، ولا يحق أن يحمل الإسلام والمسلمون جرائم القوميين من عرب أو فرس أو أتراك ، وعلى جميع المسلمين التمسك بالإسلام واتباع من تمسكوا به من الصحابة ومن تابعهم بإحسان من سلف الأمة، وأن يعتقدوا أن الإسلام هو سبب عزهم ونصرهم وأمنهم وأن يوالوا أهله، وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 46469 ، 53728 ، 71170 ، 70485 ، 35576 ، 998 ، 32402 ، 27156 .
والله أعلم .