السؤال
أشكركم على هذه الجهودالطيبة عسى الله أن يبارك فيها.سؤالي: هل يحق للزوجة الخلع للأسباب التالية:1-عدم ميل النفس الى الزوج وعدم الإحساس بالمودة والسكنى معه وبالتالي الخوف من التفريط في حقوقه .2-انعدام روح المشاركة في الزوج واعتبار أن الحياة أكل وشرب ونوم وعدم استغلال الوقت بما هو مفيد بالرغم من أن الزوج ملتزم وحافظ للقران !!!3-نظرة الزوج للزواج على أنه وسيلة للانجاب والحصول على الأبناء فقط!!!4-عدم التوافق الفكري واختلاف الطباع التي يصعب التأقلم معها. 5- سلبية الزوج في أغلب الأمور حتى في مشاعره تجاه الزوجة والأطفال. واعتماده الشبه كلي على الآخرين في قضاء حوائجه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبغض الزوجة لزوجها وخشيتها من أن لا تؤدي حق الله في طاعته مبيح لمخالعتها له ، قال ابن قدامة في المغني: مسألة قال : ( والمرأة إذا كانت مبغضة للرجل، وتكره أن تمنعه ما تكون عاصية بمنعه فلا بأس أن تفتدي نفسها منه ) وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خلقه أو دينه أو كبره أو ضعفه أو نحو ذلك , وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه . انتهى
والأصل في ذلك قوله تعالى: فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به {البقرة: 229}. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته ، قالت نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة .
فقولها: أكره الكفر في الإسلام معناه أنها تخاف أن يحملها بغضه على ما يقتضي الكفر ،قاله في الفتح ، أما مجرد عدم ميل النفس إلى الزوج وعدم الإحساس بالمودة والسكنى معه ، وعدم التوافق بينها وبينه ونحو ذلك ، فليس ذلك سببا يبرر طلب الخلع .
وقد اختلف في حكم طلب الخلع لغير ما ذكر سابقا فقيل يكره وقيل يحرم ، قال ابن قدامة في المغني ( قال : ( ولو خالعته لغير ما ذكرنا كره لها ذلك ووقع الخلع ) أراد إذا خالعته لغير بغض وخشية من أن لا تقيم حدود الله .. والحال عامرة، والأخلاق ملتئمة، فإنه يكره لها ذلك. فإن فعلت صح الخلع في قول أكثر أهل العلم ; منهم أبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي ويحتمل كلام أحمد تحريمه؛ فإنه قال : الخلع مثل حديث سهلة تكره الرجل فتعطيه المهر فهذا الخلع . وهذا يدل على أنه لا يكون الخلع صحيحا إلا في هذه الحال .. وذلك لأن الله تعالى قال : ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله {البقرة: 229 } وهذا صريح في التحريم إذا لم يخافا ألا يقيما حدود الله، ثم قال : فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به {البقرة: 229 } فدل بمفهومه على أن الجناح لاحق بهما إذا افتدت من غير خوف، ثم غلظ بالوعيد فقال : تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون {البقرة: 229 } وروى ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة . رواه أبو داود . وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المختلعات والمنتزعات هن المنافقات . رواه أبو حفص ورواه أحمد في " المسند " , وذكره محتجا به، وهذا يدل على تحريم المخالعة لغير حاجة؛ ولأنه إضرار بها وبزوجها، وإزالة لمصالح النكاح من غير حاجة، فحرم لقوله عليه السلام : لا ضرر ولا ضرار . واحتج من أجازه بقول الله سبحانه : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا {النساء: 4 } قال ابن المنذر: لا يلزم من الجواز في غير عقد الجواز في المعاوضة؛ بدليل الربا حرمه الله في العقد وأباحه في الهبة . والحجة مع من حرمه، وخصوص الآية في التحريم يجب تقديمه على عموم آية الجواز مع ما عضدها من الأخبار) انتهى .
وبما ذكر يتبين للأخت متى يجوز لها طلب الخلع ومتى لا يجوز .
والله أعلم .