النهي عن الزنا وقذف المحصنات

0 333

السؤال

هل يجوز لي الأكل من مال أو طعام سيدات فيهن المتزوجة وفيهن العزباء، يعتقد فيهم الناس أن لهن علاقات محرمة بالرجال سواء بالصحبة مع الرجال أو بالزنى، علما بأننا لم نرهن رأي العين، ولكن تدور عليهن الشبهات فما الحكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأكل من طعام من اختلط كسبه المباح بالكسب المحرم جائز، إن لم يعلم أن عين المأكول حاصل من الحرام، ويدل لذلك أن الشرع أباح أكل طعام الكفار فمن باب أحرى من دونهم، ويدل لهذا قول الله تعالى: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {المائدة:5}، ويدل له ما في الحديث: أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها. رواه مسلم. وفي الحديث: أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. رواه أحمد، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، ووجه الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم قبل هدية الشاة من المرأة واستجاب لدعوة اليهودي وأكل من طعامه.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود في المدينة وهم أكلة السحت، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي، واليهود كانوا يتعاملون بالربا ولا يتورعون عن أخذ المال الحرام.

ثم إنه يحرم ظن السوء بالمسلمات لأن الأصل في المسلمات العفة والإحصان، ولذلك من رمى إحداهن بالفاحشة من غير بينة قاطعة وجب عليه حد القذف، كما قال الله تعالى: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون {النور:4}، وقال تعالى: إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم {النور:23}، وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله، وما هي؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات. وفي الحديث: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا. رواه مسلم.

وعلى المسلم إذا رأى أخاه يعمل شيئا محرما أن ينصحه ويوجهه، ويرشده إلى الصواب ويدعوه إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة، ويستر عليه عملا بحديث مسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. وبحديث مسلم: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة. رواه مسلم.

هذا، وننبه إلى خطورة الزنا ولا سيما من المرأة المتزوجة لما فيه من زيادة ذنب آخر على ذنب الزنا، وهو خيانة المرأة زوجها، وإدخالها على أهله من ليس منهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

فيجب على النساء البعد عن الأفعال القبيحة كالنظر والتبرج والاختلاط والزنى، فالله جل وعلا يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر {النور:21}، وقد حرم الله تعالى الزنا وحرم الطرق الموصلة إليه، فقال عز من قائل: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء:32}، وقد أمر بغض البصر وعدم الخلوة بالأجنبية، وأن لا تخضع المرأة بقول ولا تخرج متبرجة، كما في قول الله تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا {الأحزاب:32}، وقال الله تعالى: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون {النور:30-31}.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة: فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه. قال النووي رحمه الله تعالى: معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب فكل هذا أنواع من الزنا المجازي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة