السؤال
دخلت إلى المسجد من أجل الصلاة، فوجدت فيه بعض المصلين الجالسين انتظارا لإقامة الصلاة، فقلت لهم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد علي بعضهم، واعترض أحد الجالسين بأن هذا العمل لا يجوز، إنما الواجب الدخول في الصلاة "تحية المسجد" لأنها تحية رب العالمين، والسلام حق للمخلوق، وحق الله مقدم على حق المخلوق.
فنرجو الإفادة مع ذكر الدليل، ومن القائل به من المذاهب الأربعة.
وجزاكم الله خيرا كثيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم الأخ الكريم أن الأمر في البدء بتحية المسجد قبل السلام على من في المسجد، أو العكس لا يصل إلى درجة ما ذكره المعترض، لعدم وجود نص صريح من الشارع في ذلك.
والأولى أن يبدأ الداخل بتحية المسجد، ثم السلام على الحاضرين، وللإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- كلام في ذلك جميل، وإليك نصه من كتابه (زاد المعاد) قال: ومن هديه أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق لله، والسلام على الخلق هو حق لهم، وحق الله في مثل هذا أولى بالتقديم بخلاف الحقوق المالية، فإن فيها نزاعا معروفا، والفرق بينهما حاجة الآدمي وعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين، بخلاف السلام.
وكان عادة القوم معه هكذا، يدخل أحدهم المسجد فيصلي ركعتين، ثم يجيء فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا في حديث رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو جالس في المسجد يوما، قال رفاعة: ونحن معه، إذ جاء رجل كالبدوي، فصلى فأخف صلاته، ثم انصرف فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك، فارجع فصل فإنك لم تصل … وذكر الحديث. فأنكر عليه صلاته، ولم ينكر عليه تأخير السلام ــ عليه الصلاة والسلام ــ إلى ما بعد الصلاة.
وعلى هذا: فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة ثلاث تحيات مترتبة: أحدها أن يقول عند دخوله: بسم الله والصلاة على رسول الله، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم. اهـ. من زاد المعاد ج2 ص 376.
وليعلم أن تحية المسجد سنة مستحبة غير واجبة عند جمهور أهل العلم.
والله أعلم.