السؤال
ما حكم الشرع في الزوج المتوسط الحال في عدم الإنفاق على الزوجة والأبناء؟ وهل ما تنفقه الزوجة على بيتها من دفع إيجار ومأكل ومشرب وملابس ومصروفات مدارس وجامعات من زكاة المال أم هذا واجب عليها ولايحتسب من الزكاة؟ علما بأني قد تعبت نفسيامن هذا الحال أنا وأولادي لعدم شعورنا بمسؤليته تجاهنا. وجزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده مما أعطاه الله غير مبذر ولا مقتر، ولا يكلف بما عجز عنه، ولا يعذر فيما أطاق، قال الله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلى ما آتاها) [الطلاق: 7].
وبناء على ذلك فعلى زوجك أن يشعر بالمسؤولية عليه تجاهك، وتجاه أبنائه، ولينفق عليكم مما آتاه الله تعالى.
وليعلم أن تحمل الإنفاق هو من جملة أسباب القوامة التي جعلها الله تعالى له عليكم، كما قال الله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) [النساء: 34].
كما أن الإنفاق على العيال فيه أجر كثير، لمن أحسن النية، وابتغى وجه الله تعالى، كما في الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص، وفيه: "إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك".
كما أن التفريط في الإنفاق على من تجب النفقة له فيه إثم كبير، لما في المسند وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت" ولفظ مسلم "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته".
هذا بالإضافة إلى أن الرجل يعمل ويكد ويرتكب المخاطر ليكسب مالا طيبا يهيأ به ظروفا طيبة لنفسه وأسرته، وطبيعة الرجل الكريم ومروءته تدفعانه إلى ذلك، كما يعد خلاف ذلك من الشح المذموم شرعا وعادة.
ثم على الزوجة والأولاد أن يراعوا حال معيلهم - إذا لم يقصر - ولا يكلفوه ما لا يطيق، وليقنعوا بما آتاهم الله تعالى، ولا ينظروا إلى من هم فوقهم في المستوى المعيشي، فإن ذلك كفيل لهم - بإذن الله تعالى- أن يجلب لهم السعادة والطمأنينة والاستقرار.
وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا، وقنعه الله بما آتاه" .
وفي المسند والصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله" وهذا لفظ مسلم.
وأما إنفاق المرأة على زوجها وأولادها فغير واجب عليها، فإن قامت به وأحسنت النية، فهي مثابة على ذلك إن شاء الله تعالى.
وأما دفع المرأة لإيجار البيت، ونفقات العيال، واحتساب ذلك زكاة، فلا يجزئ عنها، لأن الزكاة حق واجب في المال يجب إخراجه منه، ولا يجوز لدافعها أن يقي بها ماله مما كان لزاما عليه أن يدفعه، سواء كان ذلك على سبيل الوجوب الشرعي، أو على سبيل الوجوب العرفي الذي تمليه المروءات والأعراف.
وهذه المرأة يلزمها بطبيعة الحال أن تدفع إيجار البيت الذي تسكنه، وتنفق على نفسها وعلى عيالها إذا لم يقم الزوج بذلك، فكأنها إذا دفعت الزكاة في ذلك وقت مالها وحفظته مما كان لازما لها، وبإمكان هذه المرأة أن تلزم الزوج بتحمل واجباته من النفقة إما بطريق الحجة والبرهان وعرض كلام أهل العلم عليه، وإما بتوسيط أهل الإصلاح وإما برفع الأمر إلى المحاكم الشرعية. والأولى - حقيقة - بالمرأة التي لها مال تغطي زكاته هذه النفقات كلها الأولى بها أن تنفق على بيتها وعيالها، وتحتسب الأجر عند الله تعالى في ذلك، وأن تخرج الزكاة طيبة بها نفسها، وأن لا تفكر أصلا في وسيلة تحول بها بين الفقراء - الحقيقين وبين ما فرض لهم من مال الله الذي هي مستخلفة فيه.
وننبه إلى أنه يجوز للزوجة أن تدفع زكاة مالها لزوجها إن كان فقيرا في أصح قولي العلماء، ويشترط أن تملكه أياها ثم هو يتصرف فيها كيف ما يشاء.
والله أعلم.