السؤال
هناك بعض من أهل العلم من يخالف رأيكم في البيع بالتقسيط حيث يشترط أن يكون ثمن البيع بالحال بنفس ثمن الآجل من غير زيادة, استنادا إلى قوله عليه الصلاة والسلام" من باع بيعتين في بيعة...إلى آخر الحديث".
كما أن قصة بريرة رضي الله عنها ورد فيها تقسيط , لكن لم يرد فيها زيادة على ثمن العاجل..
بالله أفيدوننا برأيكم وبدليلكم..وجزاكم الله خيرا..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصحيح من قولي أهل العلم هو جواز البيع بالتقسيط بثمن زائد على ثمن البيع الحال، وقد دل على ذلك عدة أدلة نذكر منها ما يلي:
أولا: عموم قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.{البقرة:281}.
ثانيا: ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من أنه أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشا، فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل. رواه أحمد وأبو داود.
ثالثا: ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: أن بريرة رضي الله عنها باعها أهلها بالتقسيط تسع سنوات، لكل سنة أربعون درهما، فأقر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. متفق عليه ، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم منع أهل بريرة من الزيادة على ثمن البيع الحال لأجل التقسيط حتى يمكن أن يتمسك بذلك من ذهب إلى عدم جواز زيادة سعر البيع بالتقسيط على ثمن البيع الحال.
رابعا: أن البيع بالتقسيط في نفس معنى معاملة بيع السلم ، فإن البائع في السلم يبيع من ذمته حبوبا أو غيرها - مما يصح السلم فيه - بثمن حاضر أقل من الثمن الذي يباع به المسلم فيه وقت السلم، لكون المسلم فيه مؤجلا، والثمن معجلا، وهو جائز بالإجماع، وهو في نفس معنى البيع إلى أجل أو البيع بالتقسيط. فنقص الثمن في السلم لأجل تأخير تسليم السلعة مثل الزيادة في سعر السلعة مقابل تأخير تسليم الثمن.
فهذا كله يدل على جواز بيع التقسيط بالثمن الذي يتراضى به البائع والمشتري ولو كان أكثر من الثمن البيع الحال، ولكن لا بد أن ينضبط بعدة ضوابط شرعية.. منها ما يلي:
أولا: أن يجزم الطرفان بالبيع بالتقسيط دون البيع الحال، وإلا دخل ذلك في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من البيعتين في بيعة، وأما مع الجزم بذلك فليس هناك إلا بيعة واحدة، كما هو بين، وراجع الفتوى رقم: 1084.
ثانيا: أن تكون الآجال معلومة والثمن معلوما والأقساط معلومة لئلا تكون هناك جهالة أو غرر يفسدان العقد.
ثالثا: ألا تحتسب فائدة أو غرامة عند التأخر في السداد، لأن هذه الغرامة هي عين ربا الجاهلية الذي حرمه القرآن، وراجع الفتوى رقم: 19382.
رابعا: أن تكون السلعة موجودة في ملك البائع قبل العقد، وإلا دخل ذلك فيما نهى عنه صلى الله عليه وسلم في قوله: لا تبع ما ليس عندك. رواه أبو داود.
والله أعلم.