السؤال
لي عمة توفيت وكانت ترعى أولاد أختها المتوفاة (مرضى نفسيا أخ وأخت)، أوصت لأختها غير الشقيقة برعايتهم بعد موتها وكتبت ما تملك لهؤلاء المرضى وما تملك لهذه الأخت غير الشقيقة وتأخذ مائة جنيه شهريا من معاش هؤلاء الأولاد لها، هذه الأخت لم ترع الله فى حق هؤلاء الأولاد وتركتهم يهيمون فى الشوارع وأعطت بعض الجيران نقودا ليشتروا لهم طعاما، ولكن دون رعاية مما جعل حالتهم سيئة للغاية، تدخل أبى وبعد شد وجذب كبير تمكن من أن يجعل هذه الوصية أن تكتب له ما تملكته لهؤلاء الأولاد (لا نعلم إن أخفت شيئا أم لا)، والمعاش تقبضه لأنها الوصية الرسمية وتأخذ المائة جنيه وتعطي الباقي لأبي رغم أننا لا نعرف قيمة المعاش (اكتشفنا بعد ذلك بأنها صرفت فلوسا لحسابها من البنك)، المهم أن أبى أخذ الأولاد وأدخلهم مستشفى بالفلوس شهريا هذا المبلغ من فلوسهم ويحاول أن يساعد من ماله الخاص (هو يتقي الله فى حق الأولاد وفلوسهم)، الأولاد حاليا أصبحوا فى حالة جيدة وتحت رعاية دائمة والحمد لله، المهم أن المشكلة أنه أوصانا نحن أولاده على هذه الأمانة وأن هذه الأموال (منزل قديم به عدة شقق خالية ومبلغ صغير فى البنك)، مكتوبة باسمه وفى حالة الوفاة ستقسم هذه الأموال علينا ونحن نتقي الله والحمد لله، ولكن نحن نخاف من هذا اليوم(نحن نعلم أن هذه الأموال ليست ملكا لنا وأننا يجب أن نتصرف مثل أبي تماما)، وهو لا يستطيع أن يكتب لهم باسمهم لأنهم فاقدو الأهلية ولازم الوصى (الوصى غير أمين بشهادة الجميع)، أو غير ذلك، أفيدونا يرحمكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي يظهر من السؤال هو أن هؤلاء الأولاد الذين وصفتهم بأنهم مرضى نفسيا، قد أهملوا إهمالا ما كان ينبغي، ذلك أن الأخت ليست هي صاحبة الحق في ولاية أمرهم ما لم يكن أبوهم قد جعل لها ذلك، أو يكون القاضي قد جعله لها، بشرط أن يكون فيها من الكفاءة والأمانة ما يتناسب مع حالهما.
فكان من واجب عمتك وأبيك أو كل من علم بأمر هؤلاء من المسلمين أن يرفع أمرهم إلى القاضي الشرعي ليوصي عليهم من هو أكفأ وأولى بمصلحتهم، قال الشيخ خليل بن إسحاق -رحمه الله تعالى- في أول ما يبدأ به القاضي حين يستلم مهامه: وبدأ بمحبوس ثم وصي ومال طفل ومقدم ثم ضال، ونادى بمنع معاملة يتيم وسفيه ورفع أمرهما..اهـ
وجاء في التاج والإكليل: قال المتيطي وغيره: أول ما يبدأ به القاضي النداء عن إذنه أنه حجر على كل يتيم لا ولي له، وعلى كل سفيه مستوجب للولاية عليه، وأن من علم منكم أحدا من هذين فليرفعه لنا لنولي عليه، ومن باع منهما بعد النداء فهو مردود.
وفي الغرر البهية: قال الماوردي: وقبل النظر فيهم يتسلم من المعزول المحاضر والسجلات وأموال الأيتام والضوال والأوقاف ويؤخذ منه ما جزم به البلقيني أنه يقدم على النظر فيهم أيضا كل ما كان أهم منه كالنظر في المحاجير الجائعين الذين تحت نظره وما أشرف على الهلاك من الحيوان في التركات وغيرها وما أشرف من الأوقاف وأملاك محاجيره على السقوط بحيث يتعين الفور في تداركه وقبل جلوسه للنظر في المحبوسين يأمر مناديا ينادي يوما أو أكثر بحسب الحاجة...
وفي كشاف القناع: (ثم ينظر) القاضي (وجوبا في أمر يتامى ومجانين ووقوف) على غير معين (ووصايا لا ولي لهم ولا ناظر)، لأن الصغير والمجنون لا قول لهما..
وعليه، فالواجب الآن هو أن يرفع أمر هؤلاء إلى القاضي الشرعي، لينظر في الأصلح لهم، وليس من حقكم أنتم ولا من حق أي شخص آخر أن يأخذ شيئا من أموال هؤلاء بغير حق، فقد ورد وعيد شديد في أكل أموال اليتامى، قال الله تعالى: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا {النساء:10}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم... الحديث، فالحذر الحذر من نار جهنم.
والله أعلم.