السؤال
لقد أفتى بعض العلماء بأن الفائدة المثمرة في البنك الربوي حرام؛ ولكن بالإمكان إنفاقها في مصاريف خيرية.
فسؤالي هو: هل يجوز للمسلم أن يتصرف بالحرام والله تعالى يقول "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" وفي الحديث "إن الله طيب ولا يقبل إلا طيبا".
فكيف يجرؤ المؤمن على إنفاق المال الحرام في مشاريع خيرية؟
أفتوني مع الأدلة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يستثمر أمواله في البنوك الربوية أصلا، ومن فعل ذلك فهو مراب مرتكب ما حرم الله -تعالى- معرض نفسه لمحاربة الله -تعالى- وسخطه ولعنته.
وأدلة ذلك كثيرة جلية من الكتاب والسنة، ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء المسلمين إلا من لا يعتد بخلافه.
ويجب على من فعله أن يتوب إلى الله -تعالى- توبة نصوحا ويقلع عن الربا والتعامل به.
فإن تاب فله رأس ماله فقط؛ لقوله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {البقرة: 279}.
وأما الفوائد الربوية فعليه أن يتخلص منها بأن يصرفها في المشاريع الخيرية ومصالح المسلمين.
لا بقصد ابتغاء الثواب والأ جر عند الله بإنفاقها في ذلك، وإنما ذلك بقصد التخلص منها بطريقة مشروعة؛ إذ لا يجوز إتلافها لأنها مال، ولا ردها إلى البنك؛ لأن في ذلك عونا له على الربا والله تعالى يقول: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة: 2}.
وبهذا تعلم أنه ليس المقصود من الفتوى التي ذكرت هو جواز الإقدام على الاستثمار المحرم لتصرف فوائد ذلك في مشاريع خيرية، وإنما المقصود هو التخلص من تلك الفوائد لمن ابتلي بها.
ولعله بهذا يزول عنك الإشكال الذي أشرت إليه، والتعارض الحاصل عندك بين الفتوى والحديث الذي ذكرت.
والله تعالى أعلم.