السؤال
لو تكرمتم ولكم جزيل الشكر إذا كان في الإمكان أن تفيدونا بالفتوى الشرعية في هذا الأمر، أنا فتاة مقيمة في الكويت، في شهر رمضان المبارك حصل معي حادث بالسيارة، حيث كنت أمشي في الخط المخصص للسيارات وممنوع عبور المشاة (يوجد تنبيه في بداية الشارع بذلك) ولكني فوجئت بشخص يعبر الشارع مسرعا (كان يركض) حاولت تنبيهه باستخدام آلة التنبيه وتفاديه ولكنه لم يستجب ولم أستطع السيطرة على السيارة (والحمد الله لم أتجاوز حدود السرعة المحددة أو لم أمش في مكان خطأ، وقد تم معاينة الموقع والسيارة وقد أثبت أنني لم أتجاوز حدود السرعة المخصصة وأن الطريق ممنوع فيه عبور المشاة)، لكن بكل أسف الرجل أصيب بغيبوبة ثم توفي بعد 20 يوم تقربيا -كان سودانيا غير مسلم- لديه ابنة وابن (لا أعرف أعمارهما)، وقد أثبت أنه هو المخطأ، بسبب عبوره من مكان غير مخصص له، فأرجو إفادتي بالفتوى الشرعية إذا كان من جهة الشرع علي أي خطأ ويجب أن أقوم بأي شيء، فأرجو المعذرة لكن البعض قال لي (حسب ما ذكر في القرآن) أنه يجب أن أصوم شهرين متتاليين (ولكن أنا فتاة ويجب أن أفطر بسبب الظروف الطبيعية للفتاة) أو أن أدفع دية (والله شهيد على ما أقول إن وضعي المادي لا يسمح لي بأن أدفع) والله شهيد على ما أقول، فأفيدونا أفادكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أن قتل الذمي تلزم فيه الكفارة والدية كما تلزمان في قتل المسلم، والكفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، كما قال الله تعالى: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما {النساء:92}، وإلى لزوم الكفارة في قتل الذمي ذهب ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي وابن جرير الطبري وغيرهم، لأن الذمي معصوم الدم فيحرم قتله عمدا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين يوما. رواه البخاري.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن من قتل ذميا لا تلزمه الكفارة، والقول الأول أصح، والأخذ به أبرأ للذمة، ودية الذمي نصف دية المسلم فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دية عقل الكافر نصف عقل المؤمن. رواه النسائي والترمذي والبيهقي وصححه الألباني.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك فإذا كنت -كما قلت- قد حاولت تفادي الحادث ولكنك لم تستطيعي السيطرة على السيارة، ولم تكوني قد تجاوزت حدود السرعة المسموح بها في مثل ذلك الشارع، ولم يحصل منك أي تفريط أو إخلال بقواعد المرور، فإنه لا يكون عليك ضمان فيما حدث، للقاعدة الفقهية التي تقول: إن ما لا يمكن التحرز عنه فلا ضمان فيه. وإن اختل شيء مما ذكر كان عليك الدية والكفارة على النحو الذي بيناه في مقدمة الفتوى.
والله أعلم.