السؤال
أقوم بالنقاش هذه الأيام مع أشخاص بخصوص حكم الشرع في كيفية التخلص من الأموال التي كسبت بطريقة غير شرعية عن جهالة... وأقصد أموال اكتسبت عن طريق الفوائد المصرفية أو سندات أو أسهم أو صفقات متضمنة رشاوى، فهل يجب على المسلم التائب التخلص من جميع هذه الأموال وبما في ذلك المسكن والمركوب والبدء من الصفر، أم أن التوبة النصوح تمحو ما قبلها ويمكنه استخدام هذه الأموال في أعمال شرعية... أو ما هي الطريقة الشرعية المثلى لتصفية وتسوية مثل هذه الحالات...أرسل لكم هذه السؤال لأنني وجدت عدة أجوبة من خلال فتاويكم السابقة وأرغب منكم تلخيص رد قاطع على مثل هذه الحالة والمتوفرة بكثرة الآن؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الواجب على من اكتسب مالا بطريقة غير شرعية كالربا والقمار ونحو ذلك من العقود المحرمة أن يتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحا، ولا تكون منه توبة نصوح حتى يندم ويقلع عن الذنب، ويعزم على عدم العود لمثلها. وأما عن الأموال التي تحصلت في يده فيجب عليه التخلص منها بإنفاقها في مصالح المسلمين العامة كدور الأيتام وحفر الآبار ونحوها أو دفعها إلى الفقراء والمساكين، وبما أن الدراهم لا تتعين فلا يطالب بالتخلص من المسكن والسيارة التي اشتراها من هذه الأموال وإنما يخرج قدر ذلك المال المحرم، بمعنى إن كان أخذ فوائد أو رشا قدرها مائة ألف -مثلا- واشترى بالمائة سيارة فنقول له أخرج مائة واصرفها في مصالح المسلمين ويطيب لك الانتفاع بالسيارة.
وإنما يجب عليه إخراج ذلك حال كونه غنيا، أما إذا تاب وكان فقيرا فلا يكلف فوق وسعه، بل له أن يأخذ من المال المحرم لكسبه بقدر حاجته كما جاء في كتاب المجموع للإمام النووي قال: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هو أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. انتهى كلامه.
والله أعلم.