الاستخارة بعد عقد النكاح

0 264

السؤال

أنا مغربي مقيم بفرنسا وعقدت القران منذ سنتين مع ابنة عمي (أي تمت الزوجية والمهر) و نحن مؤمنون وعلى خلق والحمد لله. ومن المقرر في أواخر شهر يوليوز2007 سيتم زواجنا بحول الله (العرس أو الدخول بالزوجة ولكن المشكلة أنه منذ بضعة أشهر واجهت خطيبتي بعض المشاكل العائلية وأيضا رفض طلب لها من أجل العمل ولهذا تريد أن تقيم دعاء الاستخارة من أجل معرفة النتيجة وتقول لي إنها سترى نتيجة هذا الدعاء إن كان خيرا فإننا سنتزوج كما كان مقررا وإن كان شرا فعلينا أن نلجأ إلى الطلاق والعياد بالله.علما باني لم أكن أعلم بوجود هذا الدعاء وأني غير موافق تماما على فعل هذا لأني بصراحة أحبها حبا شديدا (وهي كذلك) ولا أتمنى خسارتها ولا أفهم لماذا تريد فعل هذا.
سؤالي هو كالآتي:
هل من حقها فعل هذا? وإن كان نعم هل في حالة ما إذا كان نتيجة هذا الدعاء شرا والعياذ بالله معناه أنه من الواجب علينا الطلاق رغم أن العرس مقرر لصيف هذه السنة إن شاء الله?
أرجو منكم الإجابة في أقرب وقت ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى جزاكم الله ألف خيرا لأني جد محتاج لإجابتكم خصوصا في بلاد الغربة.
جزاكم الله ألف خير، وأكثر الله من أمثالكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دمت قد عقدت عليها عقد نكاح شرعي صحيح فقد أصبحت زوجة لك وصرت مالك عصمتها، إن شئت أبقيتها وإن شئت طلقتها، ولا عبرة بالترتيبات الباقية كالزفاف أو حفل الدخلة، ولو كرهتك أو غيرت رأيها في إتمام الزواج فليس لها مفارقتك دون رضاك، لكن إن كرهت البقاء معك لعذر معتبر فلها أن تسألك الطلاق أو تخالعك بأن ترد عليك المهر أو نحوه مما تتفقان عليه.

وأما فعل الاستخارة فمشروع ومندوب إليه لمن أراد عمل أمر لا يعلم خيريته، فيكل أمر الخيرة فيه إلى الله تعالى العليم الخبير، فقد جاءت كيفية صلاة الاستخارة مبينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري، والترمذي وغيرهما عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله)، فاقدره لي ويسـره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، (أو قال: عاجل أمري وآجله) فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. قال: ويسمى حاجته. أي يذكر حاجته عند قوله: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، فيقول مثلا: اللهم إن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة ... إلخ خير لي في ديني ...وإن كنت تعلم أن سفري .... إلخ شر لي في ديني...

و محلها قبل الإقدام على الفعل لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم. وفي رواية: إذا أراد أحدكم، وأما بعد عزم المرء على الفعل ومباشرته له فعليه ان يتوكل على الله فحسب كما في قوله تعالى: فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين {آل عمران:159} وينبغي أن يسأل الله أن يوفقه فيه ويرزقه خيره ويعيذه من شره، فكان الأولى لزوجتك إذن عمل الاستخارة ودعائها قبل عقد القران، فإن كان خيرا لها فسييسره الله لها، وإن كان غير ذلك فسيصرفها عنه، وأما بعد أن قبلت وتم عقد القران فقد فات وقتها، وليس لها ذلك لأن الاستخارة في المحرم محرمة، وسؤال المرأة زوجها الطلاق محرم شرعا إلا لعذر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. حديث صحيح أخرجه أحمد وابن ماجه والدارمي .

وعلى فرض أن العقد لم يتم بعد وإنما حدث عهد بذلك فلها أن تستخير ولها الممانعة في عمل العقد إن بدا لها ذلك .

ولا ينبغي أن يكون السبب تشاؤمها وتطيرها بما حدث لها من مشاكل لأن التشاؤم والتطير من الشرك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك رواه أحمد.

وننبهك إلى أن الاستخارة كالدعاء يسأل فيه العبد ربه ويكل أمر الخيرة إليه ليختار له ما فيه خيره ويبعده عما فيه شره، وإذا استجاب الله تعالى دعاءه فإن كان الأمر خيرا له فسييسر له أسبابه ويسهله عليه، وإن كان غير ذلك فسيصرفه عنه بقدرته، وأما ما يراه الناس في الأحلام بعد الاستخارة ويزعمون أنه نتيجتها فلا حقيقة له ولا يلتفت إليه،إلا أن من أهل العلم من يذكر أن انشراح الصدر بعد فعلها للأمر دليل على المضي فيه فهو أمارة يستأنس بها في ذلك.

فهذه هي حقيقة الاستخارة المشروعة ووقتها وثمرتها. وأما غير ما ذكرناه مما يفعله الكهان والعرافون ويدعون أنه استخارة ويعلمون نتيجته فلا يجوز، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57601، 14326، 4823.  

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة