الحكمة من قول (عليه السلام) بعد ذكر نبي من الأنبياء

0 1580

السؤال

أرغب في السؤال عن عبارة "عليه السلام" التي تستعمل بعد ذكر الأنبياء، فما هو مدلول هذه العبارة، هل هي تحية (تحية للموتى)، وهل هي دعاء (صلاة) إلى الله تعالى كي يحفظ الأنبياء من كل أذية، وما الحاجة إلى دعاء كهذا إن كان هؤلاء الأنبياء أحياء عند ربهم يرزقون بعدما تركوا هذه الدنيا ولم يعد من مجال لأن يصيبهم أي أذى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسلام اسم من أسماء الله تعالى ويعني السلامة من النقائص والعيوب كلها، ومعنى قولنا (عليه السلام) بعد ذكر النبي دعاؤنا لله تعالى بأن يسلم نبيه من كل مكروه، قال الحافظ ابن حجر في الفتح نقلا عن التوربشتي: السلام بمعنى السلامة... ومعنى قولنا: السلام عليك الدعاء أي سلمت من المكاره، وقيل معناه: اسم السلام عليك كأنه تبرك عليه باسم الله تعالى.

والبركة عليهم تعني زيادة رفعتهم وشرفهم، وهو لأن الكمال لا يتناهى فهم يترقون فيه إلى أن يشاء الله، ومن أسباب ذلك الصلاة والسلام عليهم من المؤمنين، وأما الحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي جري الهجيمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، قال: لا تقل عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى. فلا يعارض ما ذكرناه، ففي تحفة الأحوذي: قال الخطابي: هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له: عليك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال: السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين. فقدم الدعاء على اسم المدعو له هو في تحية الأحياء؛ وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم؛ كقول الشاعر: عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته إن شاء أن يترحما. وكقول الشماخ: عليك السلام من أمير وباركت يد الله ذلك الأديم الممزق. والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات؛ بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه. والله أعلم. انتهى.

وقال الحافظ ابن القيم في كتابه زاد المعاد: وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله، وكان يكره أن يقول المبتدئ: عليك السلام، قال أبو جري الهجيمي: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: لا تقل عليك السلام لأن عليك السلام تحية الموتى. حديث صحيح. وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضا لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ السلام عليكم بتقديم السلام فظنوا أن قوله فإن عليك السلام تحية الموتى إخبار عن المشروع، وغلطوا في ذلك غلطا أوجب لهم ظن التعارض، وإنما معنى قوله: فإن عليك السلام تحية الموتى إخبار عن الواقع لا المشروع، أي أن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة؛ كقول قائلهم:عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما، فما كان قيس هلكه هلك واحد، ولكنه بنيان قوم تهدما. فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيا بتحية الأموات، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم، وكان يرد على المسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة