السؤال
أنا أسكن في منطقة الجامع الذي فيها وضع فيه قبر، علما بأن الجامع بني قبل القبر فمن هذا الباب لا أصلي في هذا الجامع فأضطر إلى العبور من خلال مقبرة في المدينة إلى جامع آخر فأضطر أحيانا إلى المرور فوق القبور أو قريب من القبر، علما بأني أحاول كل جهدي أن لا أسير فوق القبور، علما بأن مكان عبوري متوسط المقبرة والمقبرة طولها أكثر من 2 كم، فهل علي ذنب إذا كان موضع قدمي فوق أحد القبور أو قريب منه، أفيدونا؟ جزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يحرم بناء المساجد على القبور، كما يحرم دفن الميت في المسجد، لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ولما في صحيح مسلم من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله. وقد بينا من قبل حكم الصلاة في مسجد فيه قبر، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 48614.
وأما ما ذكرته من اضطرارك إلى العبور من خلال مقبرة المدينة إلى جامع آخر، وأنك تضطر أحيانا إلى المرور فوق القبور أو قريبا من القبر... فلا شك أن الأولى ترك ذلك لمن أمكنه تركه، لما ذكره بعض أهل العلم من كراهة المشي فوق القبور أو المشي بينها بالنعال، مع أن طائفة من أهل العلم لم يروا فيه بأسا، قال الدردير ممزوجا بكلام خليل: (والقبر) لغير السقط (حبس لا يمشى عليه) أي يكره حيث كان مسنما والطريق دونه؛ وإلا جاز ولو بنعل.
وفي المجموع للنووي: المشهور في مذهبنا أنه لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ونحوهما، ممن صرح بذلك من أصحابنا الخطابي والعبدري وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا ومذهب أكثر العلماء، قال أحمد بن حنبل رحمه الله: يكره، وقال صاحب الحاوي: يخلع نعليه.
والله أعلم.