السؤال
إن الله تعالى في السماء بدليل قوله تعالى أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور.. وبدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. وبدليل حديث الجاريةهناك بعض التفاسير تقول إن قوله: أأمنتم من في السماء أي من قدرته وهو تفسير القرطبي: قال ابن عباس: أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه. وقيل: تقديره أأمنتم من في السماء قدرته وسلطانه وعرشه ومملكته. وخص السماء وإن عم ملكه تنبيها على أن الإله الذي تنفذ قدرته في السماء لا من يعظمونه في الأرض. وقيل: هو إشارة إلى الملائكة. وقيل: إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب. قلت: ويحتمل أن يكون المعنى: أأمنتم خالق من في السماء أن يخسف بكم الأرض كما خسفها بقارون وفي حال كان هذا التفسير صحيحا فهو يصح على الحديث أما حديث الجارية ففي موطأ ابن مالك أن الجارية أشارت إلى السماء حين سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تقل في السماء إلا في صحيح مسلم وبالتالي فإن الحديث في موطأ مالك أقرب إلى الصحة (كما قرأت في بعض الكتب) إضافة إلى ذلك كيف نسلك أن الله في السماء وهو يقول (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه)، وقوله تعالى (وسع كرسيه السماوات والأرض) أرجو الرد لأن هذا الموضوع يؤرقني؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الله سبحانه فوق المخلوقات كلها كما دل على ذلك كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع سلف الأمة، وقد بينا هذا بأدلته مع بيان معنى هذه الآية المسؤول عنها في الفتوى رقم: 6707، والفتوى رقم: 76111، والفتاوى المحال عليها فيها فالرجاء مراجعتها بتأمل وتأن، ثم التمسك بما فيها والإعراض عما سوى ذلك ولو نقله من نقله أو وجد في أي تفسير، أما حديث الجارية فهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه ورواه الإمام مالك بن أنس وأبو داود والنسائي وغيرهم.
وبمراجعة ما في الفتاوى التي أشرنا إليها يعلم أن قوله تعالى (من في السماء) ليس معناه أنها تحويه أو أنه محتاج إليها تعالى الله عن ذلك؛ بل المعنى أنه عليها وفوقها وفوق العرش الذي هو سقف المخلوقات جميعا، فهو سبحانه وتعالى غير داخل في شيء من خلقه؛ بل فوق جميع خلقه عال عليه، أما الكرسي فهو أعظم من السماوات السبع، والعرش أعظم من الكرسي، فقد روى ابن حبان وصححه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا ذر: ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة. مع أن في تفسير الكرسي خلافا ذكرناه في الفتوى رقم: 96343.
وإذا تبين تفسير كونه تعالى في السماء فإنه لا معارضة بين ذلك وبين طيه السموات والأرض يوم القيامة.
والله أعلم.