السؤال
هل الاختلاف بين العلماء في مسألة انتقاض الوضوء بمس الذكر سائغ بحيث لا يؤثر على صلاة العبد بأي الرأيين أخذ.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسألة نقض الوضوء بمس الذكر من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، قال ابن قدامة في المغني:
ونبدأ بالكلام في مس الذكر، فإنه آكدها. فعن أحمد فيه روايتان: إحداهما، ينقض الوضوء. وهو مذهب ابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وأبان بن عثمان وعروة وسليمان بن يسار والزهري والأوزاعي والشافعي، وهو المشهور عن مالك، وقد روي أيضا عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة وابن سيرين وأبي العالية. والرواية الثانية، لا وضوء فيه. روي ذلك عن علي وعمار وابن مسعود وحذيفة وعمران بن حصين وأبي الدرداء، وبه قال ربيعة والثوري وابن المنذر، وأصحاب الرأي؛ لما روى قيس بن طلق، عن أبيه، قال: قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ ؟ فقال: وهل هو إلا بضعة منك أو مضغة منك. رواه أبو داود والنسائي، والترمذي، وابن ماجه ; ولأنه عضو منه، فكان كسائره، ووجه الرواية الأولى ما روت بسرة بنت صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من مس ذكره فليتوضأ، وعن جابر مثل ذلك. وعن أم حبيبة، وأبي أيوب قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مس فرجه فليتوضأ. وفي الباب عن أبي هريرة رواهن ابن ماجه. وقال أحمد: حديث بسرة وحديث أم حبيبة صحيحان. وقال الترمذي: حديث بسرة حسن صحيح. وقال البخاري: أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة. وقال أبو زرعة: حديث أم حبيبة أيضا صحيح وقد روي عن بضعة عشر من الصحابة رضوان الله عليهم. فأما خبر قيس فقال أبو زرعة، وأبو حاتم: قيس ممن لا تقوم بروايته حجة ثم إن حديثنا متأخر ; لأن أبا هريرة قد رواه، وهو متأخر الإسلام، صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربع سنين، وكان قدوم طلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يؤسسون المسجد أول زمن الهجرة، فيكون حديثنا ناسخا له. وقياس الذكر على سائر البدن لا يستقيم ; لأنه تتعلق به أحكام ينفرد بها ; من وجوب الغسل بإيلاجه والحد والمهر، وغير ذلك. انتهى
وعليه؛ فالمسألة محل خلاف بين أهل العلم، وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 54037، أن الراجح نقض الوضوء بمس الذكر بالكف مباشرة.
والشخص العامي العاجز عن النظر في أدلة المجتهدين مخير في أخذ أي القولين شاء . وراجع الفتوى رقم: 6787، لمعرفة كلام أهل العلم في ذلك.
والله أعلم