السؤال
سؤالي هو التالي: كيف لي أن أقنع بعض الأخوات بضرورة عدم الاختلاط بين النساء والرجال وهن يتعللن بأن حجابهن ما جعل إلا لكي تتمكن المرأة من التحدث ومخالطة الرجال بدون خطر بما أن الحجاب قد جعل لكي يحميها وحتى ينظر إليها الرجل كإنسان لا كشيء أو كأنثى قد توحي له بأمور أخرى، ملاحظة : نقاشي هذا كثيرا يدور أساسا مع أخوات يأخذن بالرأي القائل بكشف الوجه مع علمي بأن القائمين على الفتاوى في الموقع هم ممن يرون ستر الوجه لكن المشكلة قائمة خاصة مع كاشفات الوجه لا مع ساترات الوجه؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاختلاط بين الرجال والنساء على ما هو شائع اليوم من الأمور المنكرة المحرمة سواء أكانت المرأة محجبة أم غير محجبة؛ لأن الحجاب وحده لا يمنع الفتنة ولا يدفعها ما لم تتحقق الضوابط الأخرى، وقد بينا ذلك مفصلا بأدلته في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3539، 35575، 4470 فنحيلك إليها ففيها بعض ما يفند تلك الشبهة التي يتعلل بها بعض النساء، كما أن قوله تعالى: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء:32}، فيه سد لكل باب يتوصل منه إلى الفاحشة، قال أبو السعود في تفسيره لهذه الآية: ولا تقربوا الزنا بمباشرة مبادئة القريبة أو البعيدة فضلا عن مباشرته، وإنما نهى عن قربانه... للمبالغة في النهي عن نفسه، ولأن قربانه داع إلى مباشرته.
ولكن إذا احتاجت المرأة إلى محادثة الرجال أو مخالطتهم في السوق أو غيره فيجوز لها ذلك بشرط التزامها بالحجاب الكامل، ومنه تغطية وجهها وكفيها، وعدم خضوعها في القول، وغض البصر، والاحتراز من الخلوة المحرمة، وعدم المصافحة للرجال، وقد مضى بيان ذلك جليا في الفتوى رقم: 3859.
وفيما أحيل إليه من الأدلة والبراهين على صحة ما ذكرناه من حرمة الاختلاط الشائع في هذه الأيام ووجوب ستر المرأة وجهها وكفيها ما يشفي العليل ويروي الغليل، فإن عرضت عليهن ذلك ولم يقتعن فليس عليك أكثر من ذلك، فقد قال الله تعالى لنبيه: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين {القصص:56}، فبيان الحق والدلالة إليه هي واجب الداعية فحسب، وأما التزام المدعو بذلك فلا يملكه وليس ذلك عليه.
والله أعلم.