السؤال
أريد تفسير قوله تعالى: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فيقول تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت: 34}، فقوله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) أي: لا تستويان في الجزاء وحسن العاقبة والحسنة: هي ما ترضي الله ويتقبلها، والسيئة: هي ما يكرهها الله ويعاقب عليها. (ادفع بالتي هي أحسن) أي: ادفع ورد السيئة حيث اعترضتك بالخصلة التي هي أحسن منها، وهي الحسنة، كمقابلة الغضب بالصبر، والجهل بالحلم، والإساءة بالعفو. (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، الحميم الصديق، أي إذا فعلت ذلك صار عدوك كالصديق القريب في محبته.
وتفسير الآية وبيانها: أن لا تساوي بين الفعلة الحسنة التي يرضى الله بها ويثيب عليها، وبين الفعلة السيئة التي يكرهها الله ويعاقب عليها، والمداراة من الحسنة، والغلظة من السيئة، فادفع -أيها المسلم- من أساء إليك بالإحسان إليه من الكلام الطيب، ومقابلة الإساءة بالإحسان، والذنب بالعفو، والغضب بالصبر، والإغضاء عن الهفوات، واحتمال المكروهات.
قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
ثم أبان الله تعالى نتيجة الإحسان وأثره البعيد فقال: (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)، أي: إنك إن فعلت ذلك فقابلت الإساءة بالإحسان، صار العدو كالصديق، وما أحسن هذه النتيجة أن يتحول الناس الأعداء أو الحساد إلى أصدقاء، أو كالأقارب يستعان بهم عند المحنة، بسبب الشفقة والإحسان.
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم. اهـ.
والله أعلم.