السؤال
أرجو مساعدتي جزاكم الله خيرا
أنا رجل متزوج منذ خمسة عشر عاما تقريبا سبق وأن قمت بتطليق زوجتي مرتين على فترتين متباعدتين وفي كلا المرتين قمت بمراجعتها خلال فترة العدة الشرعية ولم تخرج من بيتها في كلا المرتين .
حدث بعد ذلك أن قمت بطلاقها وأنا في حالة من الغضب الشديد ولكن ليس الغضب الذي يفقد الإنسان شعوره بالوعي وإنني لا أزال أتذكر كل ما حدث في ذلك الموقف مع أنه مضى على ذلك سنتان تقريبا حيث كان ذلك في شهر رمضان قبيل الإفطار فقمت بتكسير الصحون وبضرب زوجتي وبألفاظ شتم الدين (استغفر الله العظيم )
وقد استمعت لأكثر من مفت بذلك حيث أفتى بعضهم بوقوع الطلاق في حين أن دائرة الإفتاء افتت بعدم وقوعه للغضب والذهول وقد أخذت بالفتوى الأخيرة وأعدت زوجتي خلال العدة الشرعية وأنجبت ولدا بعد ذلك وإنني الآن أعيش في شك مريب من حرمة معاشرتي لزوجتي حيث إن الأسئلة التي وجهت لي من قبل المفتي كانت دقيقة جدا ولست متأكدا من إجاباتي عليها إن كانت دقيقة( فما هو مقياس الغضب والإغلاق ) الذي لا يقع معه الطلاق علما بأنني الآن لا أجامع زوجتي لحين أن أتاكد من صحة معاشرتي لها فضلا عن أنني لا أحبها وأكره حياتي معها ولكني مجبر على ذلك من أجل الأولاد، فما هو الحل؟.
أفتوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي أن الطلاق في حال الغضب واقع، بل نقل بعض الأئمة الاتفاق على ذلك، ويستثنى من ذلك الغضب الذي يبلغ بصاحبه مبلغا يفقده التمييز ولا يعي فيه ما يقول، وهذا هو المراد بالإغلاق في الحديث الذي أشرت إليه، ورجح بعضهم أن الإغلاق هو الإكراه، وانظر الفتوى رقم: 39182، والفتوى رقم: 23251، والفتوى رقم: 77274، والفتوى رقم: 30600، ففيها الجواب عن الإغلاق وعن الطلاق في حالات الغضب، وفيها بيان أقوال أهل العلم في المسألة.
وبناء على ما ذكرته من أن غضبك لم يصل الدرجة التي تفقد فيها الشعور والوعي بما حولك فاستفت قلبك في الطلقة الثالثة واحتط لنفسك ولآخرتك وآخرة زوجتك، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: استفت قلبك، البر ما اطمأن إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك. رواه أحمد بسند حسن كما قال المنذري، ووافقه الألباني. وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما معلقا: لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين: لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه وحاك في صدره من قبوله وتردد فيها، فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتي يسأل ثانيا وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة، فإذا لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة.
هذا، وننبه إلى أن المسلم عليه أن يبتعد عن أسباب الغضب الدنيوي لما فيه من المفاسد الدنيوية والأخروية المترتبة عليه، وذلك أخذا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني. قال: لا تغضب، فررد مرارا قال: لا تغضب. رواه البخاري ومسلم .
والله أعلم.