السؤال
كيف يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة عن صلاة النبي لسنة الفجر فى بيته ونومه على شقة الأيمن حتى يأتيه بلال ليستأذنه لإقامة الصلاة وبين فضل الإبكار إلى المسجد والمكث فيه لانتظار الصلاة؟
كيف يمكن الجمع بين الأحاديث الواردة عن صلاة النبي لسنة الفجر فى بيته ونومه على شقة الأيمن حتى يأتيه بلال ليستأذنه لإقامة الصلاة وبين فضل الإبكار إلى المسجد والمكث فيه لانتظار الصلاة؟
خلاصة الفتوى:
التبكير في الإتيان إلى المسجد والمكث فيه لانتظار الصلاة يتأكد في حق المأموم دون الإمام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التبكير في الإتيان إلى المسجد مستحب؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا. وانتظار الصلاة أيضا فضله عظيم؛ لما في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
ومن الثابت -كما جاء في السؤال- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضطجع على شقه الأيمن بعد طلوع الفجر، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
وقد وجه بعض العلماء هذا الحديث مع ما قبله بأن الانتظار في البيت كالانتظار في المسجد، ففي عمدة القاري للعيني قال: وفيه دلالة على أن الانتظار للصلاة في البيت كالانتظار في المسجد؛ إذ لو لم يكن كذلك لخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ليأخذ لنفسه بحظها من فضيلة الانتظار. انتهى.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن حجر؛ بل ألمح إلى أمر آخر وهو اختصاص الاضطجاع على الشق الأيمن بعد طلوع الفجر بالإمام دون المأموم، فقال رحمه الله تعالى: قوله: ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن، وأوردها مورد الاحتمال تنبيها على اختصاص ذلك بالإمام؛ لأن المأموم مندوب إلى إحراز الصف الأول. ويحتمل أن يشارك الإمام في ذلك من كان منزله قريبا من المسجد، وقيل: يستفاد من حديث الباب أن الذي ورد في الحض على الاستباق إلى المسجد هو لمن كان على مسافة في المسجد، وأما من كان يسمع الإقامة في داره فانتظاره للصلاة إذا كان متهيئا لها كانتظاره إياها في المسجد.
وعلى أي حال.. فالذي يظهر -والله أعلم- أن التبكير إلى الصلاة يتأكد في حق المأموم دون الإمام، فإن الثابت من حاله صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج إلى الصلاة في معظم الأحوال عند الإقامة، ففي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال: كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. ورواه أبو داود عن جابر بن سمرة كذلك بلفظ: كان بلال يؤذن ثم يمهل، فإذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة.
والله أعلم.