ربط الشباب بالمسجد بوساطة لعب الشطرنج.. رؤية شرعية

0 474

السؤال

هل يجوز لعب الشطرنج في المسجد، حيث إنها من الأعمال المجمعة للشباب لربطهم بالمسجد فأفيدونا أفادكم الله؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

اللعب بالشطرنج محرم عند جمهور أهل العلم، ولا يجوز الاشتغال به قياسا على النرد، ويرى بعضهم إباحة الاشتغال به إذا كان بغير عوض، وعلى كل حال، فلا يجوز الاشتغال به في المسجد، لأن ذلك يتنافى مع احترام المسجد، كما أنه مناف للغرض الذي بني المسجد من أجله.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن اللعب بالشطرنج محرم عند الكثير من أهل العلم قياسا على النرد، وعليه فلا يجوز للمسلم أن يشتغل به في غير المسجد فضلا عن أن يلعبه في المسجد الذي هو مكان الصلاة والقراءة والذكر وليس مكان اللعب المحرم. ويرى بعض الفقهاء إباحته إذا كان بغير عوض لعدم النص عليه، قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر عدم جواز اللعب بالنرد: فأما الشطرنج فهو كالنرد في التحريم، إلا أن النرد آكد منه في التحريم، لورود النص في تحريمه، لكن هذا في معناه، فيثبت فيه حكمه، قياسا عليه. وذكر القاضي أبو الحسين ممن ذهب إلى تحريمه: علي بن أبي طالب، وابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والقاسم، وسالم، وعروة، ومحمد بن علي بن الحسين، ومطر الوراق، ومالك. وهو قول أبي حنيفة. وذهب الشافعي إلى إباحته. وحكى ذلك أصحابه عن أبي هريرة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير واحتجوا بأن الأصل الإباحة ولم يرد بتحريمها نص، ولا هي في معنى المنصوص عليه فتبقى على الإباحة. انتهى.

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن رجل لعب بالشطرنج، وقال: وهو خير من النرد، فهل هذا صحيح؟ وهل اللعب بالشطرنج بعوض أو غير عوض حرام؟ وما قول العلماء فيه؟ فأجاب: اللعب بالشطرنج حرام عند جماهير علماء الأمة وأئمتها كالنرد، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من لعب بالنرد فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. وقال: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. وثبت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، وروي أنه قلب الرقعة عليهم. وقالت طائفة من السلف: الشطرنج من الميسر، وهو كما قالوا، فإن الله حرم الميسر، وقد أجمع العلماء على أن اللعب بالنرد والشطرنج حرام إذا كان بعوض، وهو من القمار والميسر الذي حرم الله، والنرد حرام عند الأئمة الأربعة سواء كان بعوض أو غير عوض، ولكن بعض أصحاب الشافعي جوزه بغير عوض، لاعتقاده أنه لا يكون حينئذ من الميسر، وأما الشافعي وجمهور أصحابه وأحمد وأبو حنيفة وسائر الأئمة فيحرمون ذلك بعوض وبغير عوض، وكذلك الشطرنج صرح هؤلاء الأئمة بتحريمها: مالك، وأبو حنيفة وأحمد وغيرهم، وتنازعوا أيهما أشد فقال مالك وغيره: الشطرنج شر من النرد، وقال أحمد وغيره: الشطرنج أخف من النرد. ولهذا توقف الشافعي في النرد إذا خلا عن المحرمات، إذ سبب الشبهة في ذلك أن أكبر من يلعب فيها بعوض؛ بخلاف الشطرنج فإنها تلعب بغير عوض غالبا، وأيضا فظن بعضهم أن اللعب بالشطرنج يعين على القتال لما فيها من صف الطائفتين. والتحقيق أن النرد والشطرنج إذا لعب بهما بعوض فالشطرنج شر منها، لأن الشطرنج حينئذ حرام بإجماع المسلمين، وكذلك يحرم بالإجماع إذا اشتملت على حرام من كذب ويمين فاجرة، أو ظلم أو جناية أو حديث غير واجب ونحوها، وهي حرام عند الجمهور، وإن خلت عن هذه المحرمات فإنها تصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، وتوقع العداوة والبغضاء أعظم من النرد إذا كان بعوض، وإذا كانا بعوض فالشطرنج شر في الحالين. انتهى.

وقال ابن قدامة أيضا: إذا ذا ثبت هذا فمن تكرر منه اللعب به، لم تقبل شهادته، سواء لعب به قمارا أو غير قمار، وهذا قول أبي حنيفة ومالك وظاهر مذهب الشافعي، قال مالك: من لعب بالنرد والشطرنج فلا أرى شهادته طائلة، لأن الله تعالى قال: فماذا بعد الحق إلا الضلال. وهذا ليس من الحق فيكون من الضلال. انتهى.

وبهذا يعلم حكم اللعب بالشطرنج في المسجد، وأما ربط الشباب بالمسجد فيمكن أن يكون باتخاذ أنواع أخرى من الأنشطة الشبابية العلمية والثقافية ولا بأس بالرياضات المباحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة