السؤال
أرجو التكرم بقراءة الفتوى أدناه للشيخ محمد أبو صعيليك من الأردن من علماء الأردن و عضو الهيئة الإدارية بجمعية الحديث الشريف وله 25 كتابا في الفقه والحديث والتفسير والتاريخ والفكر.....
وكذلك أرجو التكرم بالتعليق عليها وهل يجوز الأخذ بجواز الاشتراك الاختياري. أفيدونا جزاكم الله خيرا.
حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي
الشيخ محمد أبو صعيليك
كثر السؤال عن حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي، فأحوج إلى سؤال أهل العمل، والعودة إلى كتب الفقه المختصة، وعند العودة إليها فقد وجدت الفقهاء قد بحثوا هذه المسألة كما يلي:
1- الضمان الاجتماعي: جهة تكافلية يشترك معها مجموعة من الناس بقصد تأمينهم براتب في حال الكبر أو العجز.
2- الاشتراك في الضمان الاجتماعي نوعان: اختياري وإجباري.
3- اختلف العلماء في حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي، وكان لهم فيه الأقوال التالية:
أ- الحرمة: حيث يرى جماعة من العلماء حرمة الاشتراك في الضمان الاجتماعي لأنه يشغل أموالهم في الربا، وبالتالي فالناتج مال ربوي محرم.
ب- الجواز: حيث يرى جماعة من أهل العلم جواز الاشتراك في الضمان الاجتماعي إجبارا أو اختيارا لأنه من باب التكافل الاجتماعي ولأن المشترك لا ولاية له على المال حين تشغيله من قبل المؤسسة فلا إثم في تشغيله ولأن الحرام عند فقهاء الحنفية لا يدخل ذمتين، فإن كانت حرمة في التعامل بأموال المشتركين في الضمان، فهي على المؤسسة المشغلة وليست على هذا المتضامن.
جـ- الوجوب: حيث يرى بعض أهل العلم، وجوب الاشتراك في الضمان الاجتماعي، وذلك لأن فيه إعانة للمرء في قادمات الأيام، ودفعا لغائلة مد اليد للناس واستجدائهم، وفيه تعميق لمعاني التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، كما فيه حفظ لكبر الأفراد وكرامتهم في حال كبرهم وعجزهم عن الكسب والبحث عن الرزق الحلال.
وبعد هذا، فإن الرأي الراجح عندي، والذي أفتي به هو وجوب الاشتراك في الضمان الاجتماعي الإجباري والاختياري، وذلك للأدلة التي ذكرت سابقا ولعدم كفاية أدلة المانع، والله تعالى أعلم.
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
الضمان الاجتماعي جائز بشروط، والحرمة تتعدد وتتعدى ذمة المكتسب إلى غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدمت لنا فتاوى في حكم الضمان الاجتماعي فقلنا إنه جائز بشروط: من أهمها أن لا تستثمر أموال المشتركين في مجالات محرمة شرعا، فإذا استثمر في مجالات محرمة لم يجز الاشتراك اختيارا.
أما ما كان من الضمان إجباريا فإنه لا إثم على المشترك، وما نتج عن الحرام من أرباح فيأخذها ويتصدق بها ويطيب له ما اقتطع منه فقط.
وأما القول بأنه لا ولاية للمشترك على ماله وبالتالي لا إثم عليه فهذا يمكن قبوله في الضمان الإجباري، أما الاختياري فلا يستقيم هذا القول، فالمشترك دخل الضمان باختياره ووكل المؤسسة في التصرف في ماله في تلك المجالات ورضي بهذا التصرف فكيف لا يؤاخذ ولا يلحقه إثم موكله.
وأما ما جاء في السؤال من أن فقهاء الحنفية يقولون إن الحرام لا يدخل ذمتين فهذه النسبة إليهم هكذا بدون تحقيق تعتبر بعيدة كل البعد عن الدقة فإنهم يقولون كما جاء في رد المحتار على الدر المختار الحرمة تتعدد مع العلم بها إلا في حق الوارث.
قال ابن عابدين الفقيه الحنفي المشهور: مطلب الحرمة وما نقل عن بعض الحنفية من أن الحرام لا يتعدى ذمتين محمول على ما إذا لم يعلم بذلك. وقوله إلا في حق الوارث أي فإنه إذا علم أن كسب مورثه حرام يحل له لكن إذا علم المالك بعينه فلا شك في حرمته ووجوب رده عليه.. وكذا لا يحل إذا علم الغصب مثلا وإن لم يعلم مالكه لما في البزازية أخذه مورثه رشوة أو ظلما إن علم ذلك بعينه لا يحل له أخذه وإلا فله أخذه حكما، أما في الديانة فيتصدق به.
ثم ذكر ابن عابدين أنه جاء في المجتبى في من مات وكسبه حرام فالميراث حلال أنه لا نأخذ بهذه الرواية وهو حرام مطلقا على الورثة.
وبعد هذا الذي نقلنا عن الحنفية لا يصح أن يقال إن تناول الحرام المعلوم جائز لما نقل عن بعضهم أن الحرام لا يتعدى ذمتين فضلا عن أن يقال إن الاشتراك في الضمان الاجتماعي المحرم واجب، فالقول بالوجوب شيء لا ينقص منه العجب لأنه في حال كان الضمان الاجتماعي جائزا فغاية ما يقال للناس إنه مشروع لكم أو يندب لكم أن تشتركوا لكي تدخروا وتنموا أموالكم لما يستقبل من الزمان، أما أنه يجب عليهم أن يدخروا وأن يتاجروا فلا.
والله أعلم.