المسألة الثالثة
[ في شروط النسخ ]
للنسخ شروط :
( الأول ) :
أن يكون المنسوخ شرعيا لا عقليا .
( الثاني ) :
أن يكون الناسخ منفصلا عن المنسوخ ، متأخرا عنه ، فإن المقترن كالشرط ، والصفة ، والاستثناء لا يسمى نسخا بل تخصيصا .
( الثالث ) :
أن يكون النسخ بشرع ، فلا يكون ارتفاع الحكم بالموت نسخا ، بل هو سقوط تكليف .
[ ص: 540 ] ( الرابع ) :
أن لا يكون المنسوخ مقيدا بوقت ، أما لو كان كذلك فلا يكون انقضاء وقته الذي قيد به نسخا له .
( الخامس ) :
أن يكون الناسخ مثل المنسوخ في القوة ، أو أقوى منه ، لا إذا كان دونه في القوة ; لأن الضعيف لا يزيل القوي .
قال
إلكيا : وهذا مما قضى به العقل ، بل دل الإجماع عليه ، فإن الصحابة لم ينسخوا نص القرآن بخبر الواحد .
وسيأتي لهذا الشرط مزيد بيان .
( السادس ) :
أن يكون المقتضى للمنسوخ غير المقتضى للناسخ ، حتى لا يلزم البداء كذا قيل .
قال إلكيا : ولا يشترط بالاتفاق أن يكون اللفظ الناسخ ، متناولا لما تناوله المنسوخ ، أعني بالتكرار والبقاء ، ( إذ لا يمتنع ) فهم البقاء بدليل آخر سوى اللفظ .
( السابع ) :
أن يكون مما يجوز نسخه ، فلا يدخل النسخ أصل التوحيد ; لأن الله سبحانه بأسمائه وصفاته لم يزل ولا يزال ، ومثل ذلك ما علم بالنص أنه يتأبد ولا يتأقت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16026سليم الرازي :
وكل ما لا يكون إلا على صفة واحدة ، كمعرفة الله ، ووحدانيته ، ونحوه فلا يدخله النسخ ، ومن هاهنا يعلم أنه لا نسخ في الأخبار ، إذ لا يتصور وقوعها على خلاف ما أخبر به الصادق ، وكذا قال إلكيا الطبري وقال : الضابط فيما ينسخ ما يتغير حاله من حسن إلى قبح .
قال
الزركشي : واعلم أن في جواز نسخ الحكم المعلق بالتأبيد وجهين ، حكاهما الماوردي ، والروياني ، وغيرهما .
( أحدهما ) : المنع ; لأن صريح التأييد مانع من احتمال النسخ .
( والثاني ) : الجواز ، قالا : وأنسبهما الجواز ، قال ونسبه ابن برهان إلى معظم العلماء ، ونسبه أبو الحسين في المعتمد إلى المحققين ، قال : لأن العادة في لفظ التأبيد المستعمل في لفظ الأمر المبالغة لا الدوام .