صفحة جزء
باب ذكر إصابة الحدود في الحرم

اختلف أهل العلم في الرجل يصيب حدا خارجا من الحرم ، ثم يدخل الحرم أو يصيب في الحرم حدا : فقالت طائفة : من قتل أو سرق في الحل ثم دخل الحرم ، فإنه لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يؤوى ، ويناشد حتى يخرج فيقام عليه ، ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم ، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب ، أخرجوه من الحرم إلى الحل ، وإن قتل في الحرم أو سرق أقيم عليه في الحرم . هكذا قال ابن عباس .

9359 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : من قتل أو سرق في الحل ثم أدخل الحرم ، فإنه لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يؤوى ، ويناشد حتى يخرج فيقام عليه ، ومن قتل أو سرق فأخذ في الحل فأدخل الحرم ، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب ، أخرجوه من الحرم إلى الحل ، وإن قتل في الحرم أو سرق أقيم عليه في الحرم .

9360 - حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : عاب ابن عباس على ابن الزبير في رجل أخذه في الحل ثم أدخله الحرم ثم أخرجه - أي يقول : أدخله بأمان ثم أخرجه - كان ذلك رجل اتهمه ابن الزبير في بعض الأمر ، وأعان عليه عبد الملك ، فكأن ابن عباس لم ير عليه قتلا . [ ص: 109 ]

وكان عطاء يقول في الرجل يقتل قاتله حيث شاء أهل المقتول وإن قتل في الحل لم يقتل في الحرم ، وكذلك أشهر الحرم مثل الحرم في كل ذلك .

وقال الزهري : من قتل في الحرم قتل ، ومن قتل في الحل ثم أدخل الحرم أخرج إلى الحل قال : يقتل . تلك السنة .

وقال مجاهد والشعبي : إذا قتل في الحرم أو أصاب حدا في الحرم ، أقيم عليه في الحرم ، وإذا قتل في غير الحرم ثم أدخل الحرم أمن .

وقال الحكم فيمن قتل رجلا ثم لجأ إلى الحرم : لا يباع ولا يجالس ولا ينزل من الحرم .

وقال حماد : يخرج من الحرم فيقتل . وقال أحمد بن حنبل في قول ابن عمر : لو لقيت قاتل عمر في الحرم ، ما هجته قال : لا يحرك حتى يخرج . وكذلك قال إسحاق . وقال أحمد : فأما من قتل في الحرم فإنه يقام عليه .

وقالت طائفة : الحرم لا يمنع من إقامة الحدود . هذا قول مالك ، وهو يشبه مذهب الشافعي ، واحتج مالك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة . [ ص: 110 ]

وفيه قول ثالث : في الرجل يصيب القصاص ثم يدخل الحرم فإنه يقام عليه الحد إلا القتل ، إلا أنه لا يكلم ولا يجالس ولا يباع ولا يؤوى ، وإن كان أصاب ذلك القصاص أو الذي يجب فيه الحد في الحرم ، أقيم عليه ذلك كله .

قال أبو بكر : أمر الله بجلد الزانية والزاني ، وقطع السارق ، وأوجب القصاص ، فعلى الإمام أن يقيم الحدود في الحرم والحل إلا أن يمنع منه حجة ، ولا نعلم حجة منعت ذلك ولا أوجبت الوقوف عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية