المسألة الرابعة
اختلفوا في
اشتمال القرآن على كلمة غير عربية ، فأثبته
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعكرمة ونفاه الباقون .
>[1] احتج النافون بقوله تعالى : (
ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي ) فنفى أن يكون أعجميا وقطع اعتراضهم بتنوعه بين أعجمي وعربي ، ولا ينتفي الاعتراض وفيه أعجمي وبقوله تعالى : (
بلسان عربي مبين ) ، وبقوله : (
إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وظاهر ذلك ينافي أن يكون فيه ما ليس بعربي .
واحتج المثبتون لذلك بقولهم : القرآن مشتمل على : المشكاة وهي هندية ، وإستبرق وسجيل بالفارسية ، وطه بالنبطية ، وقسطاس بالرومية ، والأب وهي كلمة لا تعرفها العرب .
ولذلك روي عن
عمر أنه لما تلا هذه الآية قال : هذه الفاكهة فما الأب
[ ص: 51 ] قالوا : ولأن النبي عليه السلام مبعوث إلى أهل كل لسان كافة على ما قال تعالى : (
كافة للناس بشيرا ونذيرا ) ، وقال عليه السلام : (
بعثت إلى الأسود والأحمر ) .
فلا ينكر أن يكون كتابه جامعا للغة الكل ; ليتحقق خطابه للكل إعجازا وبيانا .
وأيضا فإن النبي عليه السلام لم يدع أنه كلامه بل كلام الله تعالى رب العالمين المحيط بجميع اللغات ، فلا يكون تكلمه باللغات المختلفة منكرا ، غايته أنه لا يكون مفهوما للعرب ، وليس ذلك بدعا بدليل تضمنه للآيات المتشابهات والحروف المعجمة في أوائل السور .
أجاب النافون وقالوا : أما الكلمات المذكورة فلا نسلم أنها ليست عربية ، وغايته اشتراك اللغات المختلفة في بعض الكلمات ، وهو غير ممتنع كما في قولهم : سروال بدل سراويل ، وفي قولهم تنور ، فإنه قد قيل : إنه مما اتفق فيه جميع اللغات ولا يلزم من خفاء كلمة الأب على
عمر أن لا يكون عربيا ; إذ ليس كل كلمات العربية مما أحاط بها كل واحد من آحاد العرب ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما كنت أدري ما معنى : (
فاطر السماوات والأرض ) حتى سمعت امرأة من العرب تقول أنا فطرته أي ابتدأته .
وأما بعثته إلى الكل فلا يوجب ذلك اشتمال الكتاب على غير لغة العرب لما ذكروه ، وإلا لزم اشتماله على جميع اللغات ، ولما جاز الاقتصار من كل لغة على كلمة واحدة لتعذر البيان والإعجاز بها ، وما ذكروه فغايته أنه إذا كان كلام الله المحيط بجميع اللغات فلا يمتنع أن يكون مشتملا على اللغات المختلفة ولكنه لا يوجبه فلا يقع ذلك في مقابلة النصوص الدالة على عدمه .